للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يشترط في الرعاة الاقتصار في حياتهم على تربية الغنم، إذ فيهم من يربي الإبل أيضًا, وهم "رعاة الإبل"١. والفرق الوحيد بينهم وبين الأعراب وهم رعاة الإبل, أن الرعاة يلازمون أرضهم وإذا تنقلوا طلبًا للماء والكلأ, فلا يذهبون إلى مسافات بعيدة ولا يمعنون في اختراق البوادي؛ لأنهم لا يستطيعون الابتعاد عن الماء كثيرًا ولا يستطيعون الاكتفاء بكلأ البادية لوجود ماشية أخرى عندهم, لا تستطيع الصبر على الجوع طويلا، كما أن اتصالهم بالحضر أكثر من اتصال الأعراب بهم. ومنازلهم هي في الغالب خليط من بيوت مدر ومن بيوت وبر, ولكنها ثابتة على العموم وحياتهم حياة وسط بين البداوة والحضارة, والأرض التي يقيمون بها تكون ذات آبار وعيون ومتجمعات أمطار، وهم لا يبتعدون عنها كثيرًا ولا يفارقونها لارتباط معيشتهم بها, بينما تكون حياة الأعراب على الغيث في الغالب، وعلى الآبار والتنقل.

وفي العربية لفظة "جشر", ذكر علماء اللغة أنها تعني القوم يبيتون مع الإبل في المرعى لا يأوون بيتوتهم, والقوم يخرجون بدوابهم إلى المرعى ويبيتون مكانهم لا يأوون البيوت, والمال الذي يرعى في مكانه لا يرجع إلى أهله بالليل, وأن تخرج بخيلك فترعاها أمام بيتك٢, إلى آخر ذلك من معانٍ تدل على أن الجشر رعاة يخرجون إلى المجاشر، أي: المراعي لرعي إبلهم أو خيلهم بعض الوقت, إذا شبعت إبلهم واكتفت عادوا بها إلى بيوتهم فأقاموا بها.


١ تاج العروس "١٠/ ١٥٢", "رعى".
٢ اللسان "٥/ ٢٠٧", تاج العروس "٣/ ١٠٠"، "جشر".

<<  <  ج: ص:  >  >>