للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأعرابي، به يقدر الأسعار، وبه يقدر "الصداق" وثراء الإنسان.

وقد سبق لى أن تحدثت عن معنى "عرب"، وعن المراد منها إلى قبيل الإسلام، فلا حاجة لي هنا إلى إعادة الكلام عن شيء سبق أن تكلمت عنه. أما مصطلح "أهل الوبر" فمعناه "عرب"، أي: أعراب بالمعنى الجاهلي القديم؛ وذلك لأن الأعراب قوم نقل، يتنقلون من مكان إلى مكان، حاملين بيوتهم وما يملكونه معهم، وبيوتهم هي الخيام، وهي مصنوعة من "الوبر" وبر الإبل في الغالب؛ ولذلك عرفوا بها١. وعرفوا في الموارد اليونانية بـ"أهل الخيام" وبـ"سكنة الحيام"، وقد استعمل أعراب العراق وبادية الشام وأعراب بلاد الشام الخيام المصنوعة من شعر الماعز، وهي خيام لونها السواد، وقد أشير إليها في التوراة وفي موارد تأريخية أخرى.

وذكر علماء اللغة أن العرب: سكان القرى والمدن أي: الحضر، أهل الحاضرة, أما الأعراب، فهم سكان البادية من هذا الجيل. ويقال للرجل أعرابيا إذا كان بدويًّا همه البحث عن الكلأ وتتبع الغيث والرعي، وأما من ينزل الريف ويستوطن القرى والمدن فهو عربي، وإن كان دون الأعراب في الفصاحة وفي سلامة اللغة, ويقال للأعراب "الأعاريب" وذلك جمع للأعراب. فالأعرابي البدوي، وهو صاحب نجعة وانتواء وارتياد للكلأ، وتتبع لمساقط الغيث، وسواء كان من العرب أو من مواليهم٢, ومن نزل البادية أو حاور البادين وظعن بظعنهم، وانتوى بانتوائهم: فهم أعراب، ومن نزل بلاد الريف واستوطن المدن والقرى العربية وغيرها مما ينتمي إلى العرب، فهم عرب، وإن لم يكونوا فصحاء.٣

ويذكر علماء اللغة أن البادية من البروز والظهور, قيل للبرية لكونها ظاهرة بارزة، وأن البادية اسم للأرض التي لا حضر فيها، وهي خلاف الحاضرة


١ تاج العروس "٣/ ٥٩٤"، "وبر".
٢ روح المعاني، للألوسي "١١/ ٤"، "المنيرية"، اللسان "١/ ٥٨٦"، "صادر" "عرب".
٣ اللسان "١/ ٥٨٦" "صادر"، "عرب"، تاج العروس "١/ ٣٧١"، "عرب".

<<  <  ج: ص:  >  >>