للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعض هذه الألقاب حسنة جميلة, وبعضها ألقاب تشير إلى قوة وبأس وشدة، وبعض منها مقبول لا بأس به, وهي ألقاب كانت القبائل الملقبة بها تفاخر وتتباهى بها، أو تقبلها ولا ترى فيها أي بأس. وهي على العموم إما أن تكون قد نبعت من القبيلة، كأن ينعت سيد قبيلة قبيلته بنعت، فتتمسك به، أو أن ينعتها بذلك شاعر منها أو شاعر من قبيلة أخرى، فيذهب هذا النعت بين الناس، ويصير سمة للقبيلة. غير أن في الألقاب بعضًا آخر يشير إلى استصغار شأن القبيلة التي نعتت به، مثل "القين"١، و"الأجارب"٢, و"الأقارع"٣, و"قراد"٤، وما شاكل ذلك من ألقاب تحولت إلى مسميات, أي: تحول اللقب فصار اسم علم. وهي نعوت يظهر أن مصدرها شعر الهجاء والقبائل المعادية المنتابزة بالألقاب, وقد شاعت وثبتت؛ لأنها أثرت في القبائل المهجوة وآلمتها، فتمسك قائلوها بها، وشاعت بين الناس حتى نسي سبب قولها، وصارت اسم علم للقبيلة، ولم ير من جاء بعد ذلك بأسًا من الانتماء إلى القبيلة المنبوزة به.

وقد رمت بعض القبائل قبيلة إياد بالفسو، وعيرتها به، حتى إذا كان أحد رجالها بعكاظ، ومعه بردا حبرة، قام فقال: من يشتري من عار الفسو بهذين البردين؟ فقام عبد الله بن بيدرة أحد "مَهْو" حي من عبد القيس، فقال: هاتها، واشهدوا أني اشتريتُ عار الفسو من إياد لعبد القيس بالبردين. فلما أتى رحله وسُئل عن البردين، قال: اشتريت لكم بهما عار الدهر، فوثبت عبد القيس وقالت:

إن الفساة قبلنا إياد ... ونحن لا نفسو ولا نكاد

وتفرق الناس عن عكاظ بابتياع عبد القيس عار الفسو. ثم إن هذا العار زال عن إياد ولصق بعبد القيس، فهُجُوا به كثيرًا. وضرب المثل بـ"عبد الله بن بيدرة"، فقيل: "شيخ مَهْو"، ضرب به المثل في الخسران, وقيل: أخسر صفقة من شيخ مهو٥.


١ تاج العروس "٩/ ٣١٦"، "قان".
٢ تاج العروس "١/ ١٨١"، "جرب".
٣ تاج العروس "٥/ ٤٤٦"، "قرع".
٤ تاج العروس "٢/ ٤٦٥"، "قرد".
٥ الثعالبي، ثمار "١٠٦".

<<  <  ج: ص:  >  >>