للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا الجار الجنب له حرمة نزوله في جواره ومنعته وركونه إلى أمانه وعهده؛ لأنه جاوره وإن كان نسبه في قوم آخرين ولا قرابة له به.

وكان سيد العشيرة إذا أجار عليها إنسانًا لم يخفروه١, وإذا دخل قبته أو خباءه أو دار حول خيمته، ونادى بالجوار والأمان صار آمنًا. وقد وجب على صاحب القبة أو الخباء أو الخيمة حمايته، حتى وإن كان من سائر أبناء القبيلة.

والجار والمجير والمعيذ واحد، ومن عاذ بشخص استجار به٢, ومن هذا القبيل استجارة أهل الجاهلية بالجن. "قيل: إن أهل الجاهلية كانوا إذا نزلت رفقة منهم في وادٍ، قالت: نعوذ بعزيز هذا الوادي من مردة الجن وسفهائهم, أي: نلوذ به ونستجير"٣.

وللجوار حرمة كبيرة عند الجاهليين, فإذا استجار شخص بشخص آخر, وقبل ذلك الشخص أن يجعله جارًا ومستجيرًا به، وجبت عليه حمايته، وحق على المجار الدفاع عن مجيره, والذب عنه, وإلا عد ناقضًا للعهد، ناكثًا للوعد، مخالفًا لحق الجوار. وعلى القبائل استجارة من يستجير بها, والدفاع عنه دفاعها عن أبنائها. ويقال للذي يستجير بك: "جار", والجار: الذي أجرته من أن يظلمه ظالم، وجارك: المستجير بك، والمجير: هو الذي يمنعك ويجيرك, وأجاره: أنقذه من شيء يقع عليه٤.

وقد أوصوا بالجار خيرًا، ورجوا من الجار أن يكون كذلك قدوة حسنة في جواره، فلا يسيء إلى جاره أو إلى جيرانه، وعلى الجار أن يغض نظره عن عيوب جاره، وأن يكون يقظًا في حفظ حقوق جاره، فطنًا في الدفاع عنه.


١ اللسان "٤/ ١٥٥"، "جور".
٢ اللسان "٤/ ١٥٥"، "جور".
٣ اللسان "٣/ ٥٠٠"، "عوذ".
٤ اللسان "٤/ ١٥٤ وما بعدها"، "جور".

<<  <  ج: ص:  >  >>