للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن ذلك، وكتبوا به كتابًا؛ ليكون مشعرًا بتخالعهم، وأنهم نقضوا الحلف الذي كان بينهم، فتسقط بذلك كل مسئولية تولدت عن الوفاء بذلك الحلف أو العهد، فلا يطالب طرف الطرف الثاني بالوفاء به. ورد في كتب اللغة: وتخالعوا: نقضوا الحلف والعهد بينهم وتناكثوا١.

ويكون التخالع باتفاق الطرفين عليه, وبرضائهما عنه. وأما إذا نكل طرف واحد بتنفيذ ما جاء في الحلف، أو أعلن عن انسحابه منه ساعة الحاجة إليه، كأن يتبرأ منه في وقت يكون فيه حليفه في شدة وضيق، عُدَّ ذلك غدرًا وخيانة؛ لتلكئه عن تنفيذ ما اتفق عليه, وليس الغدر من سجايا إنسان شريف.

وقد كان للحلف أثر مهم في تلاحم الأنساب وفي انفكاكها وتجزئها، وطالما نقرأ في الكتب عبارات تشير إلى تلاحم الأنساب وتداخلها بسبب العوامل المتقدمة, مثل: "ومنهم سليم بن عباد, كان حليفًا لأبي طالب, وولده اليوم يدعون في آل أبي طالب"٢.

والأحلاف بنوعيها: أحلاف القبائل, وأحلاف الأفراد قد لا تدوم أمدًا طويلًا, ولا سيما أحلاف القبائل؛ فالقبائل في تنقل وحركة، ومصالحها وضرورات الحياة عندها متغيرة غير ثابتة، وهي قلقة غير مستقرة. وأحلاف تقوم على مثل هذه الأسس لا يمكن أن تدوم وتعمر, ولا سيما إذا ما تشتت شمل الحلف، وتنقلت قبائله، وتحولت إلى أماكن بعيدة؛ فتضعف الروابط والصلات التي تجمع بين شملها، ثم ترخى وتزول ولا يبقى من الحلف غير الاسم. تزول بغير تخالع ولا تقاتل أو تباغض، تزول لأن الظروف التي دعت إلى عقدها تكون قد زالت وتغيرت, ولأن التباعد قد برَّد من نار الحب التي كانت قد قاربت بين القلوب, فجعلها تنسى ذلك الحب، ولا تذكره إلا عندما تتذكره.


١ اللسان "٨/ ٧٦"، "صادر"، "خلع"، تاج العروس "٥/ ٣٢٢"، "خلع".
٢ الاشتقاق "١٨٩".

<<  <  ج: ص:  >  >>