للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حياة هذا الإقليم، إلا أنه عاد فذكر أنه وجد أن لفظة "الجمل" لهذا الحيوان المعروف هي لفظة واردة في جميع اللغات السامية وفي ورود هذه التسمية في جميع هذه اللغات دلالة على أنها من بقايا اللغة "السامية" الأولى. ولكن الجمل حيوان أصله وموطنه الأول الهضبة المركزية التي في آسيا على مَقْرَبة من نهر سيحون ونهر جيحون، ولما كان قد لازم الساميين من فجر تأريخيهم واقترن اسمه باسمهم، وجب أن يكون موطن الساميين الأقدم إذن هو تلك الهضبة، إلا أن أجداد الساميين غادروها في الدهر الأول، وارتحلوا عنها فانحازوا إلى الغرب مُجْتَازِين إيران والأرضين المأهولة بالشعوب "الهند أوروبية" حتى وصلوا إلى إقليم "بابل"، فنزلوا فيه، فصار هذا الإقليم الوطن الأقدم أو الأول للساميين.

وطريقة "فون كريمر" في هذه النظرية، دراسة أسماء النبات والحيوان في اللغات السامية وتصنيفها وتبويبها للتمكن بذلك من معرفة المسميات المشتركة والمسميات التي ترد بكثرة في أغلب تلك اللغات. والتوصّل بهذه الطريقة إلى الوقوف على أقدم الحيوان والنبات عند تلك الشعوب، فإذا اهتدينا إليها صار من السّهل على رأيه التوصل إلى معرفة الوطن الأصل الذي جمع في يومٍ ما شمل أجداد الساميين١.

أما "كويدي"، وهو من القائلين أيضا أن إقليم بابل هو الموطن الأول للساميين؛ فقد سار على نفس أسلوب "فون كريمر" نفسه وطريقته، ولكن بصورة مستقلة عنه. درس الكلمات المألوفة في جميع اللغات السامية عن العمران والحيوان والنبات ونواحي الحياة الأخرى، وقارن بينها وتتبّع أصولها ثم قال قوله المذكور، إلا أنه اختلف عن "فون كريمر" في الوطن الأول؛ حيث رأى أن مواطن الساميين الأُوَل كانت الأرضين في جنوب بحر قزوين وفي جنوب شرقيه إلا أنهم غادروها بعد ذلك وارتحلوا عنها إلى إقليم بابل٢.

وأما "هومل"، وهو من العلماء الألمان الحاذقين في الدراسات اللغوية، فقد


١ Von Kremer, Semitische Cultureu Entlehnungen aua Pflantzen-und Thierreiche, in das Ausland, Bd., IV, note, ١, und ٢.
٢ Guidi, Delia sede primitiva dei Popoli Semitici, Roma, ١٨٧٩, Wright, Comparative Grammer of the Semitic Languages, P., ٥ Barton, P., ٣, Hommel, Grundriss, ١. S., ٨٠, A. Grohmann, Kulturgeschichte, S., ١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>