للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقام اللائق به. ويلعب هذا المقام دورًا كبيرًا في مجالس الملوك وفي مجالس سادات القبائل وفي أندية الحضر. وإذا لم يأخذ الشريف مكانه، كأن يجلس في مجلس هو دون مجلسه اللائق بمقامه بالنسبة إلى الحاضرين، عد ذلك إهانة له، ومعاملة سيئة متعمدة. قد تأتي بأوخم النتائج إذا كان الشريف من أصحاب الحول والطول. ولهذا كان الملوك خاصة وسادات القبائل يراعون حرمة المكان، ويعينون للقادم مكانة، وبأسلوب لطيف لا يثير مشاعر الجالسين ولا يشعرهم بأنهم قصدوا إهانتهم إن طلبوا من القادم التقدم على الحاضرين، والجلوس على مقربة منهم. وذلك على حسب مكانته ومنزلته، والغالب أن ينص على المكان الذي يجلس به.

والشرف في العرف الجاهلي، هو الحسب بالآباء. والشرف والمجد عندهم لا يكونا إلا بالآباء. أما الحسب والكرم فيكونان، وإن لم يكن له آباء لهم شرف١. ولهذا حرصوا على استمرار الشرف في الأسر الشريفة، وعلى إمدادها بالحيوية والنشاط حتى يبقى الشرف متألقًا لامعًا فيها. ومن ذلك الزواج المكافئ والفعال الحميدة والمحافظة على سجايا الأسرة الطبية، والأعراف المثالية، والتمسك بالنسب وعدم تلويثه بدم من هو دونهم في الشرف، ورعاية ذلك النسب وحفظه، ليكون نسب كل شريف بيّنًا واضحًا ظاهرًا للناس.

ومن الشرف: التخلق بالأخلاق الحميدة، وعمل الأمور المحببة المفيدة التي تخلد الذكر لصاحبها وتجعل الناس يلهجون باسمه من ذلك.


١ اللسان "٩/ ١٦٩"، "شرف".

<<  <  ج: ص:  >  >>