للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحتفل أهله بذلك عند الصنم "Oratal"، الذي يقابل الإله "باخوس" "Bacchus" عند اليونان، ويبلغ الاحتفال غايته عند قص الضفائر ورميها أمامه، لأن ذلك معناه عندهم دخول الشاب في مرحلة الرجولة، ودخوله في عبادة هذا الإله١.

والبلوغ إدراك الغلام والجارية. وقد كان أهل مكة إذا بلغت عندهم الجارية أخذوها إلى "دار الندوة" فدرعوها بها، علامة على بلوغها.

ومن أمثال العرب: "ولدك من دمّى عقبيك"٢، أي من نفِست به، وصير عقبيك ملطخين بالدم، فهو ابنك حقيقة، لا من أخذته وتبنّيته وهو من غيرك٣. والابن الشرعي، من ينسب إلى أبيه بنسب صحيح، وعزي إلى والده. ويقال: إنه لَحَسن العزوة، أي صحيح النسب حسنه٤.

والعادة عند أكثر الساميين نسبة الأولاد إلى الآباء. ونجد أكثر أسماء الجاهليين على هذا النحو. وهناك أشخاص عرفوا بأسماء أمهاتهم، وللأخباريين في تفسيرها آراء، الغالب أنهم اشتهروا بأمهاتهم لما كان لأمهاتهم من كفايات وصفات خاصة جعلت لهن صيتًا بعيدًا طغى على اسم الرجال، فنسب أبناؤهم إليهن لهذا السبب تمييزًا عن بقية الأبناء الذين قد يكونون للرجل من زوجة أخرى. ومن هذا القبيل اشتهار "عمرو" ملك الحيرة ب "عمرو بن هند". واشتهار "المنذر"، وهو أحد الملوك ب "المنذر بن ماء السماء" على رأي من جعل "ماء السماء" اسم والدة الملك.

ولم يكن للجاهليين قواعد ثابتة معينة في تسمية المواليد، ففي بعض الروايات أن الأجداد أو الآباء هم الذي كانوا يقومون بتسمية المولود، وفي روايات أخرى ما يفيد قيام المرأة بهذه المهمة. والذي يتبين من غربلة الروايات أن الرجال هم يسمون الأولاد، فيضعون لهم الأسماء. أما تسمية البنات فكانت في الغالب من اختصاص النساء. وقد يثبت اسم المولود ويحدد في اليوم السابع من مولده، أي


١ Hastings, I, P. ٢٨٣, Herodotus, III, ٨.
٢ محركة وكسر الكاف فيهما بناء على أنه خطاب للأنثى.
٣ تاج العروس "٢/ ٥٤٠"، "ولد".
٤ تاج العروس "١٠/ ٢٤١"، "عزا".

<<  <  ج: ص:  >  >>