للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سادة ملكوا الدنيا، وأن كل واحد منهم هو "رب الخورنق والسدير"١، فكان إقبالهم على الخمر شديدًا، حتى أفرطوا في شربه وآذى بعضهم نفسه من شدة إقباله عليه، فصار آفة من الآفات، حتى ضحى شاربه بمركزه وماله في سبيله، فكان ذلك من عوامل تحريمه في الإسلام.

وقد كان الخمر من متع الحياة الثلاث بالنسبة للشباب. والمتع الثلاث: الخمر والقمار والنساء٢. فإذا أضيف الشجاعة إليها صار الفتى من خيرة الفتيان، لذلك كان الشباب يفتخرون إذا جمعوا بين هذه المتع ويتباهون على غيرهم بها. وربما ارتكبوا المعاصي والمخالفات في سبيل الحصول على المال للإنفاق على متعهم هذه وعلى ملذاتهم وملاهيهم في هذه الحياة.

ومن أسماء الخمر: العقار، سُميت لمعاقرتها أي لملازمتها الدنّ. والمعاقرة الإدمان ومعاقرة الخمر إدمان شربها. وقيل سميت عقارًا لأن أصحابها يعاقرونها أي يلازمونها أو لعقرها شاربها عن المشي، وقيل هي التي لا تلبث أن تسكر٣.

والسكران نقيض الصاحي. والسكر حالة تعترض بين المرء وعقله. وأكثر ما يستعمل ذلك في الشراب المسكر. و "السكّير" الكثير السكر٤. و "المدمن" هو الملازم للشراب وغيره، لم يقلع عنه، فهو يلازمه ولا يقلع عن شربه أو شرب الخمر٥.

وقد أدمن كثير من أهل الجاهلية على شرب الخمر، وهلك قسم منهم بسببها. وقد حذر من ذلك الإسلام فورد: "مدمن الخمر كعابد الوثن"٦، و "لا يدخل الجهة مدمن خمر"٧.


١ وإذا سكرت فإنني رب الخورنق والسدير
وإذا صحوت فإنني رب الشويهة والبعير
وقال حسان بن ثابت:
ونشربها فتتركنا ملوكًا ... وأسدا ما ينهنهنا اللقاء
٢ التبريزي، شرح القصائد العشر "٤٣".
٣ تاج العروس "٣/ ٤١٧"، "عقر".
٤ تاج العروس "٢٧٣ وما بعدها"، "سكر".
٥ اللسان "١٣/ ١٥٩"، "دمن".
٦ اللسان"١٣/ ١٥٩، "دمن".
٧ المستطرف "٢/ ٢٢٩".

<<  <  ج: ص:  >  >>