للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وينفون الأقذاء عن الماء١، وذلك لما للماء من أهمية في جزيرة العرب، فعليه تتوقف حياة الإنسان. ولذلك عدت السقاية في مكة مفخرة من مفاخر قريش. وقد فسرت هذه السقاية بأنها وضع الماء في حياض داخل الحرم ليستقي منها الحاج، والاستقاء مجانًا من ماء زمزم للفقراء والمعوزين. وقد يكون هذا هو الأصل من السقاية.

غير أن أهل الأخبار يشيرون أيضًا إلى نوع آخر من السقاية كان يليها الهاشميون في مكة وذلك بإسقاء الحاج الزبيب المنبوذ في الماء مجانًا لهم٢. وهو أغلى وأثمن من الماء.

وذكر أن "بني أفصى بن نُذير بن قسر بن عبقر"، وهم من بجيلة، كانوا "لم ينزل بهم نازل قط إلا عمدوا إلى ماله فحبسوه ودفعوه إلى رجل يرضون أمانته ومانوه بأموالهم ما أقام بين أظهرهم. فإذا ظعن أدوا إليه ماله ورحلوا معه. فإن مات ودوه، وإن قتل طلبوا بدمه، وإن سلم ألحقوه بمأمنه. وفي ذلك يقول عمرو بن الخثارم:

ألا من كان مغتربًا فإني ... لغربته على أفصى دليل

يعينون الغني على غناه ... ويثرو في جوارهم القليل٣

وطبيعي أن يكون بينهم من يشذ عن العرف ويخالف المألوف، فيمسك يديه ويبخل. فقد روي أن ناسًا سافروا من الأنصار فأرملوا فمروا بحي من العرب فسألوهم القرى فلم يقروهم، وسألوهم الشراء فلم يبيعوهم، فأصابوا منهم وتضبطوا، أي: أخذوه على حبس وقهر٤.


١ الميداني، مجمع الأمثال: "١/ ٣٦٤".
٢ تاج العروس "١٠/ ١٨١"، "سقى".
٣ المحبر "ص٢٤٣".
٤ تاج العروس "٥/ ١٧٥"، "ضبط".

<<  <  ج: ص:  >  >>