للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر علماء اللغة أن من الرقص نوع يقال له: "الدرقلة". وذكر بعض آخر أن "الدرقلة" الرقص. "قال محمد بن إسحاق: قدم فتية من الحبشة على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يدرقلون، أي يرقصون". وقيل: الدرقلة: لعبة للعجم معربة١. وهي من الحبشة على بعض آراء علماء اللغة. ونطقت بـ"الدركلة" كذلك. وذكروا أن الرسول "مرّ على أصحاب الدركلة فقال: "جدّوا يا بني أرفدة حتى يعلم اليهود والنصارى أن في ديننا فسحة" ٢. قيل: إن الدركلة ضرب من الرقص ولعبة للعجم معربة.

وقد عرف الحبش بحبهم للرقص. وكان أهل مكة وغيرهم من أهل الحجاز إذا أرادوا الاحتفال بعرس أو ختان أو أية مناسبة مفرحة أخرى أحضروا الحبش للرقص والغناء على طريقتهم الخاصة. وورد في الحديث أنه قال للحبشة: "دونكم يا بني أرفدة". وقيل: هم جنس من الحبشة يرقصون. وقيل: "أرفدة" لقب لهم، هو اسم أبيهم الأقدم يعرفون به٣.

وقد كان الرقص عند الشعوب السامية نوعًا من أنواع التعبير عن الفرح والشكر تجاه آلهتهم٤. ويدخل في جملة الشعائر الدينية. ولا يستبعد أن يكون الجاهليون مثل غيرهم قد رقصوا لآلهتهم في المناسبات الدينية، تعبيرًا عن شكرهم للآلهة.

ولكن معارفنا عن ذلك قليلة جدًّا، فلا نجد في الكتابات الجاهلية أية إشارة إليه، أما أخبار أهل الأخبار عن الرقص عند الجاهليين، فهي قليلة. ولا أستبعد أن يكون السعي بين الصفا والمروة كان رقصًا في الأصل فكان الساعون يرقصون ويغنون أغاني دينية، في تمجيد رب البيت والتقرب إليه. كما كانوا يرقصون في المعابد الأخرى.

ويعدّ يوم وصول الملوك والأمراء والسادات إلى مكان ما، يومًا مشهودًا يجلب الفرح والسرور إلى قلوب الناس، ويعطي ذلك اليوم بهجة وسرورًا. وكانوا يستقبلون كبار الوافدين عند قدومهم بأصناف اللهو. ويخرج "المقلسون" بالسيوف والريحان وبالدفوف والغناء. ولذلك قيل: "القلس"، و"التقليس": الضرب


١ اللسان "١١/ ٢٤٤".
٢ اللسان "١١/ ٢٤٤".
٣ اللسان "٣/ ١٨٣"، "رفد"، تاج العروس "٢/ ٣٥٦"، "رفد".
٤ قاموس الكتاب المقدس "١/ ٤٨٩"، "رقص".

<<  <  ج: ص:  >  >>