للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمتقامرين على الجزور: الأيسار١. وذكر أن اشتقاق "الميسر" إما من اليسر لأنه أخذ مال الرجل بيسر وسهولة من غير كد ولا تعب، أو من اليسار لأنه سلب يساره٢.

وقد ألف بعض العلماء كتبًا في الميسر، منها كتاب ألفه "ابن قتيبة الدينوري" وكتاب ألفه "الزبيدي" دعاه "نشوة الارتياح في بيان حقيقة الميسر والقداح"٣.

وآراء العلماء متباينة في الميسر وفي المراد منه، وفي طريقته. ويظهر أن قسمًا ممن كان يلعب الميسر لم يكن يلعبه ابتغاء الكسب، وإنما كان يلعبه للتسلية وللترفيه عن الآخرين، وذلك بإعطائه ما يكسبه للمحتاجين وللفقراء، ولذلك افتخروا بعملهم هذا وعدوه مفخرة من مفاخر العرب، لأنهم كانوا يفعلونه في أيام الشدة وعدم اللبن وأيام الشتاء٤. فيعطون اللحم للمحتاج إليه، إذ عيب من كان يأخذه لنفسه، وعدوه عارًا٥. وقد افتخروا به في شعرهم٦، ومدحوا من يأخذ القداح وعابت من لا ييسر ودعته "البرم"٧، وذلك لبخله وظنه بماله من أن يذهب إلى غيره، مع أن الناس في حاجة شديدة إليه.

وإلى لعب الموسرين الأيسار في الشاء لمساعدة ذوي الحاجة، أشار طرفة في شعره إذ قال:

وهم أيسار لقمان إذا ... أغلت الشتوة أبداء الجزور٨

وأما القسم الآخر ممن كان ييسر، فكان يبغي الكسب والمال، لذلك كان يقامر بكل ما يملك في سبيل الحصول على المال للمياسرة. روي عن "ابن عباس" أنه "كان الرجل في الجاهلية يخاطر على أهله وماله" في سبيل


١ اللسان "٥/ ٢٩٨" وما بعدها.
٢ بلوغ الأرب "٣/ ٥٣".
٣ بلوغ الأرب "٣/ ٦٤"، تاج العروس "١/ جي" "الكويت".
٤ بلوغ الأرب "٣/ ٥٤ وما بعدها".
٥ بلوغ الأرب "٣/ ٦٠".
٦ بلوغ الأرب "٣/ ٥٧".
٧ بلوغ الأرب "٣/ ٦٥".
٨ اللسان "٥/ ٢٩٨"، بلوغ الأرب "٣/ ٦٠".

<<  <  ج: ص:  >  >>