للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن المرء في الحياة لبطنه وفرجه. ومنه المثل: "المرء يسعى لِغاريَهْ" أي يكسب لبطنه وفرجه١.

وعرفت "البغي" بـ"القحبة". قيل لها: قحبة لأنها كانت في الجاهلية تؤذن طلابها بقحابها، وهو سعالها٢. فقد كان من عادة "قحبة" الجاهلية أن تسعل أو تتنحنح، تراود بذلك عن نفسها، وتشعر الرجل أنها حاضرة للفجور إن أراد ذلك، فيتفق معها.

و"المسافحة"، المزاناة لأن الماء يصب ضائعًا. و"السفاح" أن تقيم امرأة مع رجل على الفجور من غير تزويج صحيح، وفي الحديث: "أوله سفاح وآخره نكاح". وهي المرأة تسافح رجلًا مدة فيكون بينهما اجتماع على فجور، ثم يتزوجها بعد ذلك. وكان أهل الجاهلية إذا خطب الرجل المرأة قال: أنكحيني، فإذا أراد الزنا، قال: سافحيني٣.

ويقال للزنا: الفاحشة، والفاحشة الزانية وكل ما يشتد قبحه من الذنوب والمعاصي وكل ما نهي عنه، وكل خصلة قبيحة فهي فاحشة من الأقوال والأفعال٤.

فاللفظة عامة تتناول الفحش الذي هو الزنا كما تتناول غيره من الأعمال والخصال القبيحة. ويقال للبغي وللأمة "تزني". ويقال لابنها "ابن تزني" و"ابن درزة"٥.

ولما نزلت الآية: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرُجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} ٦، وفرغ رسول الله من بيعة الرجال بمكة واجتمع إليه نساء من قريش فيهن: "هند بنت عتبة" وأخذن يبايعن الرسول، فلما وصل إلى قوله تعالى: {وَلا يَزْنِينَ} ، فقالت: يا رسول الله وهل تزني الحرة٧؟.


١ تاج العروس "١٠/ ١٧٧"، "سعى".
٢ تاج العروس "١/ ٤٢١"، "قحب".
٣ تاج العروس "٢/ ١٦٤"، "سفح"، تفسير الطبري "٥/ ١٤".
٤ تاج العروس "٤/ ٣٣١"، "فحش".
٥ تاج العروس "٩/ ١٥٣"، "تزن".
٦ سورة الممتحنة، الآية ١٢.
٧ تاريخ الطبري "٣/ ٦٢"، "فتح مكة"، تفسير الطبري "٢٨/ ٥٠".

<<  <  ج: ص:  >  >>