للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بصفة دولية رسمية، وإنما كان بصورة غير رسمية وعلى سبيل التجمل بهذا اللقب والتشبه بالملوك الأجانب، استعمله الناس من باب التزلف والتقرب إلى أولئك الحكام، أو أنهم نظروا إليهم من وجهة نظرهم الخاصة، فدعوهم ملوكًا، لأنهم كانوا رعيتهم وكانوا هم مالكي رقبتهم. ومن هنا اعترفوا بهم ملوكًا، أما الدول الأجنبية فقد اعتبرتهم مجرد عمال وسادات قبائل.

والذي صح إطلاقه على أمراء الغساسنة، وثبت وجوده في الوثائق الرسمية، هو لقب "بطريق" Patricius، ولقب "عامل" أو رئيس قبيلة Phylarcos = Phylarkos = Phylarchus مقرونًا بنعت من النعوت التابعة له، أو مجردًا منه، كالذي جاء عن المنذر الذي حكم بعد الحارث بن جبلة "فلابيوس المنذر البطريق الفائق المديح، ورئيس القبيلة"، و"المنذر البطريق الفائق المديح، وما ورد عن الحارث "الحارث البطريق ورئيس القبيلة"١.

ولقب "البطريق" من ألقاب الشرف الفخمة عند الروم، ولذلك فلم يكن يمنح إلا لعدد قليل من الخاصة، ولصاحبه امتيازات ومنزلة في الدولة حتى أن بعض الملوك كانوا يحبذون الحصول على هذا اللقب من القيصر، ويفضلونه على غيره من الألقاب٢.

ويلاحظ أن بعض كتبة اليونان أطلقوا لقب "ملك" على الأمراء العرب، مثل "ماوية" فقد لقبوها بـ"ملكة". ولم يستعملوا كلمة "فيلارك" فيلارخ" "فيلاركس" "فيلاركوس" التي تعني "العامل" أو "سيد قبيلة" والظاهر أنهم نهجوا في ذلك نهج الكتبة "السريان"، فقد لقبوا سادات القبائل العربية بلقب "ملك" على نحو ما نجده في الشعر العربي٣. ويظهر أن عرب العراق كانوا قد لقبوا حكام "الحيرة" بلقب "ملك" و"ملوك"، وأن عرب بلاد الشام لقبوا حكامهم الغساسنة بلقب "ملك" كذلك، وذلك على سبيل التفخيم والتعظيم كما ذكرت، وباعتبار أنهم حكاهم ومالكو أمرهم. كما لقب من خضع لـ"آل آكل المرار" حكامهم من هذه العائلة بلقب "ملك". وكما


١ غسان "ص١٢".
٢ المشرق: السنة الأولى: الجزء١١، حزيران ١٨٩٨م "ص٤٨٥".
٣ غسان "ص١٢"، المشرق: السنة الأولى: الجزء١١، حزيران ١٨٩٨م "ص٤٨٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>