للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"هوذة" على التاج، وفي بلوغه منزلة ملك. وترى أن تلقيبه بـ"ذي التاج" هو على سبيل المجاز، وأن الذي كان يضعه على رأسه هو إكليل، لا تاج من التيجان.

وذكر بعض الأخباريين أن التيجان كانت لليمن، وذكر أن غيرهم كانوا يتوجون أنفسهم بخرزات تنظم لهم. ويقال: إن الملك كان إذا ملك سنة زيد في تاجه وقلادته خرزة، ليعلم عدد السنين التي ملك فيها. وذلك كالذي ورد في بيت شعر من قصيدة قالها لبيد في رثاء النعمان بن المنذر، وهو قوله:

رَعى خَرَزاتِ المُلكِ عِشرينَ حِجَّةً ... وَعِشرينَ حَتّى فادَ وَالشَيبُ شامِلُ١

وقد ورد في شعر أعشى بكر في هوذة بن علي الحنفي الذي كان يجيز لطيمة كسرى في كل عام:

مَن يَرَ هَوذَةَ يَسجُد غَيرَ مُتَّئبٍ ... إِذا تَعَصَّبَ فَوقَ التاجِ أَو وَضَعا

لَهُ أَكاليلُ بِالياقوتِ فَصَّلَها ... صُوّاغُها لا تَرى عَيبًا وَلا طَبَعا

ويتبين من ذلك أن هوذة كان من أصحاب التيجان. غير أن بعض العلماء ينكرون وجود التيجان عند غير أهل اليمن، ويقولون كما ورد عن أبي عبيدة عن أبي عمرو: "لم يتتوج معدي قط، وإنما كانت التيجان لليمن. ولا سئل عن هوذة بن علي الحنفي، قال: إنما كانت خرزات تنظم له"٢.

وذكر أن عادة نظم الخرز في عِقْد يوضع على الرأس، ليكون شعارًا للملك والحكم، عادة كانت معروفة في الحجاز. وقد ورد أن "عبد الله بن أُبي بن سلول" كان رجلًا شريفًا في يثرب لا يختلف عليه في شرفه من قومه اثنان، ولم تجتمع الأوس والخزرج قبله ولا بعده على رجل من أحد الفريقين غيره، وكان قومه قد نظموا له الخرز ليتوجوه ثم يملكوه عليهم. فما راعه إلا مجيء الإسلام إلى يثرب وقدوم الرسول إليها، فانصرف قومه عنه، فضغن على الإسلام،


١ شرح ديوان لبيد "ص٢٦٦"، اللسان "٥/ ٣٤٥"، "حرز"، الثعالبي، ثمار القلوب "١٨٣".
٢ العقد الفريد "٢/ ٢٤٤".

<<  <  ج: ص:  >  >>