للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورأى أن الرسول قد استلبه ملكه١

وورد في الحديث أن الرسول: "شكا إلى سعد بن عبادة، عبد الله بن أُبي، فقال: اعف عنه، يا رسول الله، فقد كان اصطلح أهل البُحيرة، على أن يعصبوه العصابة. فلما جاء الله بالإسلام، شَرِق لذلك". ويعصبونه: معناه يسودونه ويملكونه، وكانوا يسمّون السيد المطاع معصبًا، لأنه يعصب بالتاج.

وفي ذلك قال عمرو بن كلثوم:

وَسَيِّدِ مَعشَرٍ قَد عَصَّبُوهُ ... بِتاجِ المُلكِ يَحمي المُحجَرينا

فجعل الملك معصبًا أيضًا، لأن التاج أحاط برأسه كالعصابة التي عصبت برأس لابسها. ويقال: اعتصب التاج على رأسه، إذا استكف به، ومنه قول قيس الرقيات:

يعتصب التاجُ فوق مفرقه ... على جبين كأنه الذهب٢

ولا تؤدي لفظة "سموط" معنى "تاج"، بل ولا تبلغ في المنزلة منزلة "إكليل". و"السمط": الخيط ما دام الخرز أو اللؤلؤ منتظمًا فيه. وقد استعملت كلمة سموط في مقام التاج، للتعبير عن تاج ملوك الحيرة٣، غير أنني أرى إن ذلك على سبيل التجوز، لا التخصيص. وقد ذكر علماء اللغة أن السمط يشد في العنق والجمع سموط٤.

ومن مظاهر الملك "السرير"، ويقال له: "العرش" كذلك. ويعبر بالسرير عن الملك والنعمة٥. ويذكر أهل الأخبار أن أول من جلس على السرير من ملوك العرب "جذيمة الأبرش"، وهو أول من وقعت له السمعة من ملوك العرب، وأول من لبس الطوق٦. وقد أشير في القرآن إلى عرش ملكة سبأ،


١ نهاية الأرب "١٦/ ٣٥٦ وما بعدها".
٢ اللسان "١/ ٦٠٦"، "عصب".
٣ Rothstein, S. ١٢٩
٤ الاشتقاق "٢/ ٣٠٤"، اللسان "٧/ ٣٢٢"، "سمط".
٥ الاشتقاق "٢/ ٣٠٤"، اللسان "٧/ ٣٢٢"، "سمط".
٦ صبح الأعشى "١/ ٤١٦".

<<  <  ج: ص:  >  >>