للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المتكبر، وأوصى بالتواضع، فإنه يقرب المتواضع من الناس ويحببه إليهم، وأن يصفح عن المسيء، وأن يحسن إلى الجار، ولأن يسوء حال أحدهم، خير له من أن يسوء حال جاره، وأن يوصي بالمولى، لأن المولى منكم وإليكم، وأن يخلص بالاستشارة والنصيحة، وأن يتمسك الإنسان باصطناع الرجال١.

ونجد في الوصايا التي ذكرها "الأصمعي" وصايا بوجوب التعاضد والتآزر، والابتعاد عن الفرقة، والطاعة من غير خوف٢، والعدل في الرعية، والتجاوز عن المسيء، والكف عن أذى العشيرة٣، والأخذ بالرأي لأنه لا بد للملك ممن يعينه في الرأي والأمر والنهي، ولا بد له من مشير يحمل عنه بعض ما يثقله من ذلك٤. والملك صانع، فإن قام الصانع حق قيامه على صنعته، استجاد الناس له، فكسب المال والجاه؛ وإن استهان بها، ذهبت الصنعة من يده، وكسب الندم والحرمان٥.

واستمر "الأصمعي" يذكر الوصايا التي ذكر أن ملوك العرب الماضين وضعوها في كيفية الحكم حذر الزلل، ولتجنب الوقوع في الخطأ، وهي نثر وشعر، قد تكون من وضعه وصنعته، صنعها للخليفة ليتعظ بها في الحكم على نسق ما كان يفعله أدباء الفرس والهند في وضع الوصايا والمواعظ والقصص على ألسنة الملوك الماضين والحكماء ليتعظ بها الحكام في أثناء حكمهم للناس. ونجد أمثلة كثيرة من هذا النوع دبجت في كتب السياسة والأدب، على ألسنة أرسطو أو الإسكندر أو أكاسرة الفرس٦.

ونجد في شعر ينسب إلى "لقيط الإيادي"، أن الحاكم الذي يقلد الأمر يجب أن يكون رحب الذراع، مضطلعًا بأمر الحرب، لا مترفًا ولا إذا عض به مكروه خشع وخضع، يحلب دَرَّ الدَّهْر، يكون مُتَّبِعا طورًا ومُتَّبعًا، متسحصد الرأي لا قحمًا ولا ضرعًا٧.


١ "ص٩ ومابعدها".
٢ "ص١٧ وما بعدها".
٣ "ص٢٠ وما بعدها".
٤ "ص٢٥".
٥ "ص٣٣، وما بعدها".
٦ نهاية الأرب "٦/ ١٦" "في وصايا الملوك".
٧ نهاية الأرب "٦/ ١٧".

<<  <  ج: ص:  >  >>