للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحكومين. وفي حديث المرأة الجَوْنية التي أراد النبي، صلى الله عليه وسلم، أن يدخل بها، فقال لها: "هبي لي نفسك"، فقالت: "هل تَهَبُ الملكة نفسها للسوقة؟ "١ ما ينم عن هذه الروح.

ويعبر عن السواد الأعظم بـ"سواد الناس" وبـ"سواد القوم" أي: عوامهم وكل عدد كثير. وهو مصطلح يقرب معناه من معنى "السوقة". والسواد الأعظم من الناس، هم الجمهور الأعظم والعدد الكثير٢ وهم "الغوغاء" الذين لا يفقهون شيئًا من أمور دنياهم وإنما هم تبع وغنم يتبعون أي راع. وقد برزت أهميتهم في صدر الإسلام، إذ عرفت الفائدة منهم فيما لو وجهوا توجيهًا حسنًا.

قال الخليفة "عمر": "استوصوا بالغوغاء خيرًا، فإنهم يطفئون الحريق، ويسدّون البثوق"٣.

وقد عرف الجاهليون قيمة وأهمية السواد؛ لأنه الكثرة والرماح التي يعتمد عليها ذوو السؤدد، والجماعة التي تدافع عن سيدها وتحمي حماه. وقد استطاع "أبو سلمى" أن يعبر عن أهمية العوام وأصحاب الحناجر القوية من غوغاء الناس في جبل السؤدد إلى الأشخاص في هذا الرجز:

لابد للسؤدد من رماحِ ... ومن عديد يتقي بالراح

ومن كلاب جمة النباح٤

وعلى الرعية حق الطاعة، طاعة من بيده الحكم والسلطان، وليس عليها الخروج على أوامره وأحكامه؛ لأن من حق الراعي تأديب رعيته إذا خرجت عن طاعته. فإذا خرجت الرعية على حكم الملك، حق عليه تأديب رعيته بالصورة التي يراها. ولا يتمكن من الخروج على طاعة السلطان إلا الأشراف وسادات القبائل، ففي استطاعة هؤلاء بما لهم من أتباع ورعية، تهديد الملوك، أو من ينوب عنهم في الحكم.

ولهذا كانت لهذه الطبقة مكانة وكلمة عند الملوك.


١ اللسان "س، و، ق"، "١٠/ ١٧٠".
٢ اللسان "٣/ ٢٢٤"، "سود".
٣ رسائل الجاحظ "١/ ٣٦٦"، "كتاب فصل ما بين العداوة والحسد".
٤ رسائل الجاحظ "١/ ٣٦٦"، كتاب فصل ما بين العدواة والحسد"، "أرماح"، الحيوان "١/ ٣٥١"، "٣/ ٧٩"، "هارون".

<<  <  ج: ص:  >  >>