للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر أن تحية الناس فيما بينهم: "أنعم صباحًا" أو "أنعم مساء" أو "أنعم ظلامًا"، و"عموا صباحًا" و"عموا مساء"، وذلك حسب المناسبات.

أما إذا حيوا الملك، قالوا له: "أنعم صباحًا أيها الملك"، لهيبة الملك ولتعظيمه١.

وقد أبطل الإسلام تلك التحية: بأن أحل السلام محلها. فلما دنا "عمير بن وهب" من رسول الله قال: "أنعموا صباحًا"، فقال رسول الله: "قد أكرمنا الله بتحية خير من تحيتك يا عمير؛ بالسلام تحية أهل الجنة" ٢. وقد صار السلام من العلامات الفارقة بين الشرك والإسلام.

وذكر أن التحيّة الملك. وفي هذا المعنى قولهم: حيّاك الله وبيّاك، أي: اعتمدك بالملك. وفي هذا المعنى قول زهير بن جناب الكلبي:

ولكل ما نال الفتى ... قد نلته إلى التحيّة

أي: إلا الملك، وذكر أن المراد بها هنا البقاء، لأنه كان ملكًا في قومه٣.

والتحية في قول "عمرو بن معد يكرب":

أسير به إلى النعمان حتى ... أنيخ على تحيته بجندي

تعني: ملكه، فالتحية الملك٤

ويظهر أن بعض الجاهلين كانوا يحيون بتحية "حيّاك وبيّاك"، أو "حياك الله"، أو "حيّاك الله وبيّاك"٥. ولا أستبعد استعمالهم اسم صنم من الأصنام في موضع "الله" عند عبّاد ذلك الصنم، كأن يقولون: "حيّاك هبل"، وقد بقيت هذه التحية إلى الإسلام، ثم صارت: "حيّاك الله". وقد يخاطبون بها الملوك فيقولون: "حيا الله الملك" وذكر أن تحيات أهل الشام لملوكهم:


١ الصاحبي "٩١".
٢ الطبري "٢/ ٤٧٣"، "دار المعارف".
٣ اللسان "١٤/ ٢١٦"، "صادر"، "حيا"، تاج العروس "١٠/ ١٠٦ وما بعدها"، "حيي".
٤ المصدر نفسه، بلوغ الأرب "٣/ ٢٠٣".
٥ تاج العروس "١٠/ ١٠٧"، "حيي".

<<  <  ج: ص:  >  >>