للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر بعض أهل الأخبار، أنه لم يكن يدخلها من قريش من غير ولد قصي إلا ابن أربعين سنة للمشورة، وكان يدخلها ولد قصي كلهم أجمعون وحلفاؤهم١ والظاهر أن هذا كان خاصًّا بالمشورة وأخذ الرأي. لما كان قد قرّ في نفوس أكثر الناس من أهمية السن في تقديم الرأي، ومن أن النضوج العقلي يبدأ في الأربعين من العمر.

وإذا صحت الرواية، نكون أمام شرط مهم فيمن يحق له حضور دار الندوة لإبداء المشورة والرأي. لكننا نسمع من رواة الأخبار أيضًا، أنهم يذكرون أن قريشًا كانت تتساهل في موضوع السن أحيانًا، فكانت تتساهل في قبول دخول من هو دون الأربعين من العمر إذا كان الشخص سديد الرأي. فقد "تحاكم العرب في الجاهلية في النفورة، وفي غير ذلك من المخايرة والمشاورة، إلى أبي جهل ابن هشام في أيام حداثته وفتائه، ولذلك أدخلوه دار الندوة، ودفع مع ذوي الأسنان والحنكة من بين جميع الشبان، ومن بين جميع الفتيان.

ولذلك قال قطبة بن سيّار حكم فزارة حين تنافر إليه عامر بن الطفيل وعلقمة ابن علاثة: عليكم بالحديد الذهن، الحديث السن. يعني: أبا جهل"٢.


١ الأزرقي "١/ ٦٥".
٢ رسائل الجاحظ "١/ ٣٠٠"، "رسائل في نفي التشبيه".

<<  <  ج: ص:  >  >>