للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سمات الملك]

وكانوا يَسِمون إبل الملوك وماشيتهم بسمة خاصة، لتكون علامة على أنها من ملك الملوك والدولة. كما كان الأشخاص يَسِمون إبلهم وماشيتهم بسمات خاصة بهم، لتكون دلالة على تبعيتها لصاحب "الميسم". والوسم أثر الكي.

والميسم: هو الحديدة التي يكوى بها، واسم للآلهة التي يوسم بها. والأصل في الوسم أن يكون بكي، ثم أطلقوه على كل علامة، مثل قطع في أُذن أو قرمة تكون علامة، أو ضروب الصور. وكان الرسول يسم إبل الصدقة بميسم، أي: يعلم عليها بالكي١.

ووضعوا الريش علامة وسمة لجمالهم، ليعرف من يراها أنها من إبل الملوك، فلا يقترب منها٢. وكانوا إذا أرادوا تشريف أحد، حملوه على هذه الإبل أو أهدوه منها. "ومن المجاز: أعطاه، أي: النعمان النابغة مائة من عصافيره بريشها، أي: بلباسها وأحلاسها. وذلك لأن الرحال لها كالريش، أو لأن الملوك كانت إذا حبت حباء جعلوا من أسنمة الإبل ريشًا، وقيل: ريش النعامة؛ ليعرف أنه من حباء الملك"٣.

وذكر أن الملوك كانوا يضعون الريش في أسنمة الإبل وتغرز فيها، وكانت تجعل الريش علامة لحباء الملك؛ تحميها بذلك وتشرف صاحبها٤.

وقد عرفت إبل الملك "النعمان بن المنذر" بأصالتها وبجودة جنسها وبنجابتها.

وذكر أن أكرم فحل كان للعرب من الإبل كان يسمى عصفورًا، وتسمى أولاده عصافير النعمان. وكان إذا وهب منها لأحد عد ذلك تقديرًا وتعظيمًا له. حتى كانوا يقولون: "حباه بكذا وكذا من عصافيره"، و"وهب له مائة من عصافيره". وذكر أن من فحول إبل "النعمان" الأخرى "داعر" و"شاغر" و"ذو الكبلين"٥.

ولأهمية السمات في ذلك الوقت، وضعوا لها أسماء، ذكرت في كتب اللغة


١ تاج العروس "٩/ ٩٢ وما بعدها"، "وسم".
٢ حياة الحيوان، للدميري "٢/ ١٧٣"، الحيوان، للجاحظ "٣/ ٤١٧".
٣ تاج العروس "٤/ ٣١٦"، "الريش".
٤ الحيوان "٣/ ٤١٧ وما بعدها".
٥ الحيوان "٥/ ٢٣٣"، "ولذلك قالوا في الحديث: فرجع النابغة من عند النعمان، وقد وهب له مائة من عصافيره بريشها"، الحيوان "٣/ ٤١٨".

<<  <  ج: ص:  >  >>