للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعضها في المسند أو في روايات أهل الأخبار، وعلى حسب اجتهاد الباحثين الذي توصلوا إليه باستنادهم إلى المرجعين المذكورين.

وإذا سألتني عن المصدر الذي استقيت منه أسماء الوظائف والدرجات التي أذكرها هنا، فإني أقول: لقد حصلت عليها من ورودها في الكتابات التي عثر عليها المنقبون في مواضع من العربية الجنوبية وفي أعالي الحجاز وفي مواضع أخرى من جزيرة العرب أخذتها من هذه الكتابات، وعينت درجتها ومكانتها بالاستناد على المعنى المستنبط من النصوص. وبالقياس أحيانًا إلى المفردات الواردة في معاجم اللغة أو في اللغات السامية الأخرى حيث يرد ما يماثلها في تلك اللغات علمًا لوظائف معروفة، بقيت أساء بعض منها معروفة أو متداولة إلى يومنا هذا.

ونستطيع أن نقول بالقياس إلى ما هو مألوف في قصور الملوك المعاصرين لملوك الجاهلية أن كبار متولي أمور قصور الملوك وكبار قادة الجيش، كانوا من أقرب الناس إلى الملوك، ومن أكثر الناس تأثيرًا فيهم، وذلك بحكم اتصالهم بهم والتصاقهم بالعرش. فكانت لهم كلمة مسموعة عندهم. فهم من الصنف الممتاز من أصناف الموظفين، ولهم أثر خطير في تاريخ تلك الحكومات.

وتختلف درجات المشرفين على أمور القصور الملكية، فمنهم الحرس الخاص الذي يتولى حراسة القصر، ومنهم الخدم والطباخون، ومنهم من اختص بخدمة الملك وحده، كأن يقوم بتقديم الطعام إليه، ومنهم من اختص بتقديم الشراب إليه، أو يتولى أمر الحجابة له، ومنهم من كان يكتب له، أو يخدم زوجاته وذريته، إلى غير ذلك من أعمال اقتضتها طبيعة تلك القصور ودرجة الملك ومنزلته وقد عرف كل هؤلاء بـ"عبيد الملك" عند بعض الشعوب١.

والطبقة المذكورة، وإن كانت من الطبقات الدنيا بالنسبة لطبقات المجتمع، وظيفتها الطبخ وتقديم الأشربة والأطعمة والسهر على راحة الملك وضيوفه، إلا أن رهطًا منها تمكن مع ذلك من لعب دور خطير في أمور المملكة، وفي مقدرات الناس، بفضل استخدام ذكائهم وقربهم من الملك ووجودهم بحضرته بصورة دائمة، من التأثير على سيدهم وتوجيهه الوجهة التي يريدونها. كما تمكنّوا من الحصول على مكانة كبيرة عند قومهم، باتصالهم بحكم مراكزهم بأعيان الناس. وبنوال


١ Ancient Israel, P. ١٢٠

<<  <  ج: ص:  >  >>