للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن "الطسوج"، الطسوج: الناحية وربع الدانق. وقيل: مقدار من الوزن، وقيل: معرب واحد من طساسيج السواد. فنحن إذن أمام معان ثلاثة: هي جزء من دانق أو درهم، ومقدار من الوزن وجزء من أرض١. والمعنى الثالث هو المعنى الملائم لبحثنا، لأنه يدل على وحدة إدارية، كانت مستعملة في العراق بتأثير الحكم الفارسي.

وأما "الكور" فجمع "كورة". قال علماء اللغة: إنها المدينة والصقع، والمخلاف. وهي القرية من قرى اليمن٢ والكلمة من أصل يوناني، هو "خورة" Khora. بمعنى ناحية من بلد، أي مصر. ولم يشر علماء اللغة إلى أنها كانت مستعملة في جزيرة العرب. ولعل العربية أخذتها من التقسيمات الإدارية لبلاد الشأم.

وجاء في أثناء حديث "الطبري" عن فتح "أمغيشيا" وعن سير خالد بن الوليد إليها، أنها كانت مصرًا كالحيرة٣. وورد في كتب اللغة والأخبار أن "عمر" كان قد مصر الأمصار منها البصرة والكوفة. وذكر علماء اللغة أن المصر الحد٤.

ويظهر من ذلك أن "أمغيشيا" كانت مصرًا، أي: من إمارات الحدود، التي أقيمت على الحدود المغربية للدولة الساسانية لحمايتها من الروم ومن غارات الأعراب وغزوهم. وكان أهلها على النصرانية. وأن لفظة "مصر" كانت تؤدي هذا المعنى عند ظهور الإسلام.

ولا تظهر التقسيمات الإدارية إلّا في حكومة كبيرة تحكم مساحة واسعة نوعًا ما.

لذا نستطيع أن نتحدث باطمئنان عن وجود تقسيمات إدارية في العربية الجنوبية، لأن حكوماتها كانت قد حكمت أرضين متسعة نوعًا ما، وجعلت البلاد في حكم موظفين تولوا إدارتها. وقسموها إلى وحدات إدارية. أما في الحجاز، فلما كان الغالب عليها عند ظهور الإسلام نظام حكم القرى والمدن، لذلك، فلا يمكن أن نجد فيه شيئًا من هذا التقسيم. وأما ملوك الحيرة، فقد عينوا عمالًا على الأقاليم التي حكموها. ولكن أهل الأخبار لم يذكروا شيئًا عن أنواع العمالات وعن درجات حكامها. لذلك لا نستطيع التحدث عنها بشيء.


١ تاج العروس "٢/ ٧٠"، "الطسوج".
٢ اللسان "٥/ ١٥٦"، "كور".
٣ تاريخ الطبري "٣/ ٣٥٨"، "حديث أمغيشيا"، "مغش" "أمغيشا"، تاج العروس ٤/ ٣٥١"، "مغش".
٤ تاج العروس "٣/ ٥٤٤"، "مصر".

<<  <  ج: ص:  >  >>