للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد وجدت بعض الحكومات مثل حكومة "رومة" أن طريقة تعيين الجباة لجباية الضرائب، هي طريقة تكلف الدولة أموالًا تزيد على الأموال التي تردها من الجباية، لأن الجباة كانوا يسرقون أموال الجباية، ويسيئون الاستعمال، وأن الشدة معهم لم تنفع شيئًا، لذلك عمدت إلى وضع الجباية في "المرابذة العلنية" بأن يعلن عنها، فيتقدم من يرغب في أخذها، فيزيد على غيره ممن ينافسه، وهكذا حتى ترسو على آخر المتزايدين، فيتولى هو جمع الجباية عن طريق تعيينه موظفين يقومون بجباية الضرائب المقررة، فيقدم هو للحكومة المبلغ الذي رسا عليه، ويأخذ الفضل لنفسه. وقد تألفت في "رومة" شركات كبيرة خصصت نفسها بأمور جباية الضرائب من المقاطعات الواسعة التابعة لإمبراطورية "رومة" وكانت تتزايد فيما بينها حينما تعرض الحكومة جباية الضرائب في "المزاد".

وقد فعلت هذه الشركات كل ما أمكنها فعله لجمع أكثر ما يمكن جمعه من أموال من المكلفين لتغطية مبلغ التعهد الذي أعطته للحكومة وللحصول على أرباح مفرطة لها، بأن أرهق كاهل المكلف بأخذ أضعاف ما حدد من مقدار الضريبة، ولم تنفع الرقابة الحكومية التي وضعتها الحكومة على هذه الشركات وعلى الجباة، ذلك لأن "الحكام" حكام الولايات ومن بيدهم أمر الرقابة المالية ومن كان بيده أمر النظر في عرض الجباية على المتزايدين كانوا مرتشين، فكانوا يغضون الطرف عن تعسف الجباة ولا ينصفون المشتكين من الناس منهم. وقد ضج الناس من أصحاب المكس، وأشير إلى ظلمهم في الإنجيل، وعدوا من أصحاب الإثم أهل الخطيئة Sinners فكانوا من المُبغَضين١. وقد ندد بهم وبظلمهم في كتب الحديث.

وقد عين "الأباطرة" أحيانًا عمالًا Procurator على المقاطعات للإشراف على جمع الجباية، وعينوا موظفين في الموانئ والثغور لجباية الضرائب عن الأموال المصدرة التي تصدر إلى الخارج، وعن الأموال التي تستورد إلى الامبراطورية، ومن التجار الرومان، أوالتجار الأجانب.

وقد وردت في النصوص العربية الجنوبية مصطلحات لها علاقة بالضرائب وبالأرباح، منها مصطلح "نعمت"، أي: "نعمة"، وتعني هنا: ما أنعم به على الإنسان، أي: ما يحصل عليه من السوق، وما يربحه من تجارته، فهي


١ Hastings p. ٧٧٦

<<  <  ج: ص:  >  >>