للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بريدًا، والمسافة التي بين السكتين بريدًا. والسكة موضع كان يسكنه "الفُيُوج" المرتبون من بيت أو قبة أو رباط، وكان يرتب في كل سكة بغال، وبعد ما بين السكتين فرسخان، وقيل: أربعة١. فالبريد إذن بمعنى رسول، وموضع البريد، والشيء الذي يرسل مع البريد، أي: الرسول حامل البريد، ودابة البريد.

قال الشاعر:

إني أنصُّ العيس حتى كأنني ... عليها بأجواز الفلاة بريدا٢

ومن أعمال صاحب البريد إرسال الأخبار إلى من عينهم في هذا المنصب، فهم موظفون مخبرون، من أعمالهم إطلاع كبار الموظفين والأمراء والملوك على الأحوال العامة للمكان الذي يقع في ضمن عملهم واختصاصهم، وأخبار الجهات المسئولة عن الأعمال المشبوهة التي قد تدبر ضد الدولة، وعن تصرفات كبار الموظفين، خشية انفرادهم في الحكم وإعلانهم العصيان على الدولة.

ونسب "الجاحظ" إلى "امرئ القيس" قوله:

ونادمت قيصر في ملكه ... فأوجهني وركبت البريدا

إذا ما ازدحمنا على سكة ... سبقت الفرانق سبقًا بعيدا٣

وقد نسب غيره إلى "امرئ القيس" أيضًا قوله:

على كل مقصوص الذنابي معاودٍ ... بريد الشُرى بالليل من خيل بربرا٤

ومعنى هذا -إن صح بالطبع- أن الشعر المذكور هو لامرئ القيس حقًّا، أنه عرف البريد واستعمله، وقد رأى خيل البريد. وهي تقص ذنابها ليكون ذلك علامة على أنها من خيل البريد.

وقد أشير إلى البريد في الحديث: جاء "لا تقصر الصلاة في أقل من أربعة


١ اللسان "٣/ ٨٦ وما بعدها"، "صادر"، "برد".
٢ اللسان "٣/ ٨٦"، "صادر"، "برد".
٣ الشعر والشعراء "٦٧"، ديوان امرئ القيس "٢٦٢"، كتاب البغال، من رسائل الجاحظ "٢/ ٢٧٥، ٢٩١".
٤ الكامل، للمبرد "١/ ٢٨٦"، اللسان "٣/ ٨٦"، "صادر" "برد".

<<  <  ج: ص:  >  >>