للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في بطون كتب الأدب في الغالب وفي بعض كتب التأريخ والجغرافيا، سأشير إليها في أثناء حديثي عن الشهير من هذه الأيام١.

وقد أشار "ابن النديم" وغيره إلى أسماء مؤلفين ألفوا كتبًا في أيام العرب٢. منهم من ألف عنها كلها، ومنهم من ألف عن بعضها. ومنهم من ألف في أيام قبائل معينة. لكنها لم تطبع، ولعل من بينها من قد يطبع في المستقبل. وقد ورد أن "أبا الفرج الأصبهاني" قد استقصى أيام العرب في كتاب أفرده لذلك، فكانت أيامه ألفًا وسبعمائة يوم٣.

ولكن هذه الأيام غير منسقة ويا للأسف، ولا مبوبة على حسب ترتيب الوقوع، وتسلسل الزمن. ثم إن من الصعب استخراج مستند منها يمكن الاعتماد عليه في تصنيف هذه الأيام، وتنظيمها على أساس تأريخي، مع أنها مادة المؤرخ الذي يريد كتابة تأريخ جزيرة العرب قبل الإسلام ودراسة التطور السياسي فيها. وقد حاول المستشرقون تنسيقها وترتيبها على أساس تواريخ الوقوع، فلم يفلحوا إلى الآن في الوصول إلى نتيجة مرضية. ولو كانت لدينا معارف عن أحوال من أسهم فيها وأجج نارها ومن قال شعرًا فيها٤، تنير لنا السبيل لتثبيت التأريخ وضبط السنين، لصار في إمكاننا ضبطها وتعيين تواريخها استنادًا إلى هذا المروي عن أولئك. ولكن ما نعرفه عن هؤلاء الرجال، وهم أبطالها وأصحابها، ولا يقل غموضًا وإبهامًا من حيث التواريخ والسنين عن غموض تواريخ تلك الأيام وإبهامها، ولذلك فكل ما يقال عن تواريخ الأيام وترتيبها والسنين التي وقعت فيها، هو حدس وتخمين. وسيبقى الحال على ذلك، حتى تتهيأ مادة جديدة كنصوص جاهلية مدونة أو موارد أخرى قد تتعرض لتلك الأيام بتأريخها أو بتأريخ من اشترك فيها على وجه مضبوط صحيح. وعندئذ يكون في الإمكان تدوينها على نحو علمي يشرح لنا تطور الحوادث عند العرب قبيل الإسلام.

ولوجود مجال واسع للعب العاطفة في أخبار الأيام، تجب دراسة الروايات على حذر، والتفتيش -على قدر الإمكان- عن روايات متعددة عن اليوم الواحد،


١ الفهرست "٨٥"، العمدة "٢٠٠/ ٢ وما بعدها"، صبح الأعشى "١/ ٣٩٣".
٢ الفهرست "١٤٨"، "أخبار هشام الكلبي".
٣ بلوغ الأرب "٢/ ٦٨".
٤ العمدة "٢/ ٣٠٠ وما بعدها"، صبح الأعشى "١/ ٣٩٣"، الفهرست "٨٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>