للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[العدل]

الغاية من وضع الأحكام وأمر المجتمع بتطبيق ما جاء فيها، هي ضبط ذلك المجتمع ومنع أفراده من تجاوز بعضهم على حقوق بعض آخر, وسلبهم ما يملكون، وذلك لإشاعة "العدل" ورفع الاعتداء الذي هو "الظلم" وهو نقيض العدل. فمن أجل تحقيق "العدالة" سنّت الشرائع والأحكام. والعدالة هي المساواة وعدم الانحياز.

وقد نصت شرائع الجاهليين على وجوب تحقيق العدالة بإعطاء كل ذي حق حقه وإنصافه. غير أن فكرة "العدالة" تختلف بين البشر باختلاف الأوضاع والأزمنة. فقد يكون حكمٌ عدلًا عند قوم، ويكون باطلًا, أي: ظالمًا عند قوم آخرين. وقد يكون عدلًا في زمان ويكون باطلًا في زمان آخر؛ لأن الظروف التي استوجبت اعتبار الحق حقًّا والعدل عدلًا، تغيرت فتبدلت، فأبطلته أو صار ظلمًا في نظر الناس. ومن هنا أبطل الإسلام بعض أحكام الجاهلية، وهذّب بعضًا منها، وأقر بعضًا آخر، وذلك لتغير الظروف بمجيء الإسلام وتغير النظر إلى أصول العدالة.

لقد صيرت المعيشة القبلية التي عاش فيها أكثر العرب في الجاهلية مفهوم "العدل" أو "الحق" عندهم بصورة تختلف عن مفهومنا نحن للحق والعدل، فالعدالة عندهم لم تكن تتحقق وتؤخذ إلا بالقوة، لذلك أثرت "القوة" تأثيرًا كبيرًا في تحديد مفهوم "العدل" و"الحق" فلكي ينال الإنسان حقه كان عليه أن يجاهد بنفسه وبذوي قرابته وعشيرته للحصول على ما يدعيه من حق

<<  <  ج: ص:  >  >>