للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويراعى هذا التحريم حتى في حالات التبني، لاكتساب التبني الصفة المقررة للابن الطبيعي، فلا يجوز للمتبني أن يتزوج ابنة المُتبنَّى؛ لأنه اتخذه ابنًا له.

ويحرم على الرجل أن يتزوج ابنة أخيه، أو ابنة أخته. أما ولد الأخوين أو ولد الأختين أو ولد الأخ والأخت، فالزواج بينهم مباح. ويحرم نكاح العمة كما يحرم نكاح الخالة؛ وذلك لأنهما في درجة الأصول. ويحرم بصورة عامة كل نكاح يقع بين المحارم.

ومن القبيح عندهم الجمع بين الأختين، وأن يخلف الرجل على امرأة أبيه، ويسمون هذا الفعل من فعول "الضيزن". وقد عرف هذا الزواج بنكاح المقت١. وقد حرم هذا النكاح في الإسلام٢. فقد ورد أن "كبيشة بنت معن بن عاصم" امرأة "أبي قيس بن الأسلت" انطلقت إلى الرسول فقالت: "إن أبا قيس قد هلك، وإن ابنه من خيار الحي قد خطبني". فسكت الرسول، ثم نزلت الآية: {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} فهي أول امرأة حرمت على ابن زوجها٣.

وذكر "السهيلي" أن ذلك الزواج كان مباحًا في الجاهلية بشرع متقدم، ولم يكن من الحرمات التي انتهكوها ولا من العظائم التي ابتدعوها؛ لأنه أمر كان في عمود نسب رسول الله، فكنانة تزوج امرأة أبيه خزيمة، وهي برة بنت مر. فولدت له النصر بن كنانة. وهاشم أيضًا قد تزوج امرأة أبيه واقدة. "وقد قال عليه السلام: أنا من نكاح لا من سفاح. ولذلك قال سبحانه: {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} , أي: إلا ما سلف من تحليل ذلك قبل الإسلام. وفائدة هذا الاستثناء ألا يعاب نسب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وليعلم أنه لم يكن في أجداده من كان لغية ولا من سفاح"٤.

وذكر علماء التفسير: أن أهل الجاهلية كانوا يحرمون ما يحرم إلا امرأة الأب والجمع بين الأختين٥. وأسلم "فيروز الديلمي"، وتحته أختان، فقال له النبي:


١ بلوغ الأرب "٢/ ٥٢ وما بعدها"، الجصاص "١/ ١٠٦، ٢١٢".
٢ الأغاني "١/ ٩" "٣/ ١٥"، "طبعة ساسي".
٣ الإصابة "٤/ ١٦٢"، "رقم ٩٤٥"، تفسير الطبري "٤/ ٢١٧ وما بعدها".
٤ الروض الأنف "١/ ١٤٥ وما بعدها".
٥ تفسير الطبري "٤/ ٢١٧".

<<  <  ج: ص:  >  >>