للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى فلان فاستبضعي منه، لتحملي منه، ويعتزلها زوجها، ولا يمسها أبدًا حتى يتبين حملها من ذلك الرجل الذي تستبضع منه، فإذا حملها أصابها زوجها إذا أحب، وإنما يفعل ذلك رغبة في نجابة الولد؛ لأنهم كانوا يطلبون ذلك من أكابرهم ورؤسائهم في الشجاعة أو الكرم أو غير ذلك فكان هذا النكاح الاستبضاع١.

كذلك كان بعض أصحاب الجواري على ما يرويه أصحاب الأخبار أيضًا، يكلفون جواريهم الاتصال برجل معين من أهل الشدة والقوة والنجابة، ليلدن ولدًا منه يكون في يمينه وملكه٢. والغاية من هذا النوع من التكليف الحصول على أولاد أقوياء يقومون بخدمة الرجل المالك، إن شاء استخدمهم في بيته وفي ملكه، وإن شاء باعهم وربح منهم، فهي تجارة كان يمارسها المتاجرون بالرقيق للربح والكسب.

وأما ما أشار إليه أهل الأخبار من وجود زواج دعوه زواج الرهط، وزواج آخر قالوا له: "زواج صَوَاحِبات الرايات"٣. فلا يمكن عدّهما زواجًا بالمعنى المفهوم من الزواج؛ لأنهما في الواقع نوع من أنواع البغاء، وخاصة "زواج صواحبات الرايات". وقد عرفوا الزواج الأول بأنه زواج يجتمع فيه الرهط ما دون العشرة، فيدخلون على المرأة كلهم يصيبها، وذلك برضاء منها وتواطؤ بينهم وبينها، فإذا حملت ووضعت، أرسلت إليهم فلم يستطيع رجل منهم أن يمتنع حتى يجتمعوا عندها، فتقول لهم: قد عرفتم الذي من أمركم، وقد ولدت، ثم تسمي أحدهم وتقول له: فهو ابنك يا فلان، فيلحق بها ولدها، ولا يستطيع أن يمتنع به الرجل. وقد قيل إن هذا يكون إن كان المولود ذكرًا، وإلا فلا تفعل لما عرف من كراهتهم للبنت وخوفًا من قتلهم للمولودة٤.

ويقال لهذا النوع من الزواج زواج "تعدد الأزواج" Polyandry، في


١ النهاية في غريب الحديث "١/ ٩٨"، شرح العيني "١٧/ ٢٤٦"، "٢٠/ ١٢١"، صحيح البخاري "٣/ ١٦٢"، بلوغ الأرب "٢/ ٤".
٢ تاج العروس "٥/ ٢٧٩"، اللسان "٩/ ٣٦١".
٣ بلوغ الأرب "٢/ ٤ وما بعدها".
٤ بلوغ الأرب "٢/ ٤"، عمدة القارئ "٢٠/ ١٢١ وما بعدها"، القسطلاني، إرشاد الساري "٨/ ٤٥"، الأمومة عند العرب "٢٤ وما بعدها"، الملل والنحل "٢/ ٤٤٢"، "لندن".

<<  <  ج: ص:  >  >>