للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البداوة عليها واضحة جلية، والروح الأعرابية ظاهرة فيها بارزة، وما الأمثلة المتقدمة إلا نماذج من تلك المصطلحات.

وورد أن الجاهليين كانوا يقولون للمرأة: أنت خلية، كناية عن الطلاق، فكانت تطلق منه، وكانوا يقولون: أنتِ برية أنت خلية، فتطلق بها المرأة١.

والطلاق من المصطلحات الجاهلية القديمة، وهو يعني عندهم تنازل الرجل من كل حقوقه التي كانت على زوجه ومفارقته لها٢.

والطلاق الشائع بين أهل مكة عند ظهور الإسلام، هو طلاق المرأة ثلاثًا على التفرقة: وينسب أهل الأخبار سَنَّةُ إلى إسماعيل بن إبراهيم، فكان أحدهم يطلق زوجته واحدة، وهو أحق الناس بها، ثم يعود إليها إن شاء، ثم يطلقها ثانية، وله أن يعود إليها إن رغب، حتى إذا استوفى الثلاث انقطع السبيل عنها، فتصبح طالقة طلاقًا بائنًا٣, ومعنى هذا عدم إمكان الرجوع إلى الزوجة بعد وقوع الطلاق الثالث مهما أوجد المطلق له من أعذار٤. ويذكر أهل الأخبار قصة وقعت للأعشى حينما أتاه قوم زوجه وطلبوا منه تطليقها، ولم يقبلوا منه طلاقها إلا بعد ثلاث تطليقات، أعادها ثلاث مرات. فعد طلاقه لها طلاقًا بائنًا٥.

ويظهر أن الجاهليين كانوا قد أوجدوا حلًّا لهذا الطلاق الشاذ، فأباحوا للزوج


١ تاج العروس "١٠/ ١١٩"، "خلو".
٢ Ency., Vi, P.٣٦٣, Kinship, P.١١٢, Welhausen, “I” Die Ehe Bei Den Araber, In Nachrichten D. Konig. Gess. Der Wiss., Gottingen, ١٨٩٣, S. ٤٥٢
٣ الأغاني "٨/ ٨٠ وما بعدها"، بلوغ الأرب "٢/ ٤٩".
٤ المحبر "٣٠٩ وما بعدها".
٥ بلوغ الأرب "٢/ ٤٩"، قال الأعشى:
أيا جارتي بيني فاتك طالقة ... كذاك أمور الناس غاد وطارقه
قالوا: ثانية، فقال:
وبيني فإن البين خير من العصا ... وألا تري لي فوق رأسك بارقه
قالوا: ثالثة، فقال:
وبيني حصان الفرج غير ذميمة ... وموموقة قد كنت فينا ووامقة
"أيا جارتا" وهناك بعض الاختلاف في الألفاظ، المحبر "٣٠٩ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>