للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا مات ولم يخلفهما، فقد مات عن ذهاب طرفيه، فسمي ذهاب الطرفين: كلالة. وقيل: ما لم يكن من النسب لحًّا فهو "كلالة". والعرب تقول: لم يرثه كلالة، أي لم يرثه عن عرض بل عن قرب واستحقاق. وهم يفتخرون بوراثة قرب؛ لأنها إنما جاءت عن نسب قريب وعن أب، وفي ذلك يقول عامر بن الطفيل:

وما سودتني عامر من كلالةٍ ... أبى الله أن أسمو بأم ولا أب

وكانوا إذا قالوا: "هو ابن عم كلالة"، قصدوا بعيد النسب، وإن أرادوا القرب قالوا: هو ابن عم دنية١. فالكلالة معروفة في الجاهلية فهذّبها الإسلام ونزل النص عليها وفي تعيينها في القرآن٢.

وقد ذهب بعض العلماء إلى أن "الكلالة" من لا ولد له ولا والد. وقيل ما لم يكن من النسب لحًّا فهو كلالة. وقالوا: هو ابن عم الكلالة وابن عم كلالة. وقال بعضهم: إذا لم يكن ابن العم لحًّا، وكان رجلًا من العشيرة قالوا: هو ابن عمي الكلالة، وابن عم كلالة. وهذا يدل على أن العصبة وإن بعدوا كلالة. أو الكلالة من تكلل نسبه بنسبك كابن العم وشبهه. ويقال: هو مصدر من تكلله النسب، أي: تطرفه كأنه أخذ أحد طرفيه من جهة الولد والوالد، وليس له منهما أحد، فسمي بالمصدر، أو هي الأخوة للأم. تقول: لم يرثه كلالة, أي: لم يرثه عن عرض بل عن قرب.

وقد ذكرت الكلالة في موضعين من القرآن الكريم: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ} ٣. و {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} ٤. فجعل الكلالة هنا الأخت للأب والأم والأخوة للأب والأم. فجعل للأخت الواحدة نصف ما ترك الميت وللأختين الثلثين وللإخوة والأخوات جميع المال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين. وجعل للأخ والأخت من الأم في الآية الأولى


١ اللسان "١١/ ٥٩٢ وما بعدها".
٢ النساء، الآية ١٢، ١٧٦.
٣ النساء، الآية ١٢، الطبري، تفسير "٤/ ١٩١"، روح المعاني "٤/ ٢٠٦".
٤ النساء، الآية ١٧٦، تفسير الطبري "٦/ ٢٨"، روح المعاني "٦/ ٣٩".

<<  <  ج: ص:  >  >>