للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم نزلت آية الميراث: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} ١. وبذلك انتفت سنة الجاهليين في عدم توريث البنات.

وقد نزلت الآيتان من أجل أن أهل الجاهلية كانوا يورثون الذكور دون الإناث. فكان "النساء لا يرثن في الجاهلية من الآباء، وكان الكبير يرث ولا يرث الصغير، وإن كان ذكرًا". وقد ذكر بعض العلماء أن آية: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ} ، "نزلت في أم كحة وابنة كحة وثعلبة وأوس بن سويد، وهم من الأنصار. كان أحدهم زوجها والآخر عم ولدها.

فقالت: يا رسول الله توفي زوجي وتركني وابنته، فلم نورث! فقال عم ولدها: يا رسول الله لا تركب فرسًا، ولا تحمل كلًّا ولا تنكأ عدوًّا يكسب عليها، ولا تكتسب. فنزلت للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون. وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون، مما قل منه أو كثر، نصيبًا مفروضًا"٢.

وذكروا أن نزول الآية: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} ، إنما كان "لأن أهل الجاهلية كانوا لا يقسمون من ميراث الميت لأحد من ورثته بعده ممن كان لا يلاقي العدو ولا يقاتل في الحروب من صغار ولده ولا للنساء منهم. وكانوا يخصون بذلك المقاتلة دون الذرية، فأخبر الله جل ثناؤه أن ما خلّفه الميت بين من سُمي وفرض له ميراثًا في هذه الآية. وفي آخر هذه السورة فقال: في صغار ولد الميت وكبارهم وإناثهم لهم ميراث أبيهم، إذا لم يكن له وارث غيرهم للذكر مثل حظ الانثيين"٣. وذكر أنه "لما نزلت الفرائض التي فرض الله فيها مما فرض للولد الذكر والأنثى والأبوين كرهها الناس أو بعضهم، وقالوا: تعطى المرأة الربع والثمن، وتعطى الابنة النصف، ويعطى الغلام الصغير وليس من هؤلاء أحد يقاتل القوم ولا يحوز الغنيمة، اسكتوا عن هذا الحديث، لعلّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينساه أو نقول له فيغيره, فقال بعضهم: يا رسول الله أنعطي الجارية نصف ما ترك أبوها، وليست تركب الفرس ولا


١ النساء، الآية ١١، تفسير الطبري "٤/ ١٨٥"، روح المعاني "٤/ ١٩٣".
٢ تفسير الطبري "٤/ ١٧٦".
٣ تفسير الطبري "٥/ ١٨٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>