للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ديته نصف دية الصريح. وتكون دية المرأة نصف دية الرجل.

وكانت بعض القبائل قد حددت هي دية قتلاها، وفرضتها فرضًا، فكانت تأخذ عن دية قتيلها ديتين أو أكثر أحيانًا، وتدفع دية واحدة لغيرها، وذلك بسبب قوتها وبطشها. روي أن "الغطاريف"، وهم قوم "الحارث بن عبد الله بن بكر بن يشكر" كانوا يأخذون للمقتول منهم ديتين، ويعطون غيرهم دية واحدة إذا وجبت عليهم١. وكان لبني "عامر بن بكر بن يشكر" وهم من "الغطاريف" أيضًا، وقد عرف "عامر" المذكور بـ"الغطريف" ديتان، ولسائر قومه دية٢.

وورد أن "بني الأسود بن رزن" كانوا يؤدون في الجاهلية ديتين ديتين، ويؤدي غيرهم من "بني الدليل" دية دية، وذلك لفضلهم٣. فـ"بنو الأسود" هم الذين حددوا ذلك المقدار وثبتوه، ولم يكن هذا التحديد عن ضعف، وإنما هو رغبة منهم في الأفضال على ذوي القتيل الذين يكونون من غيرهم تلطفًا لهم، وترفعًا منهم عن المساومة في دماء القتلى.

وذكر أن بعض حكام العرب كانوا يحكمون في الديات بمائة من الإبل. وقد نسب بعضهم هذا الحكم إلى "أبي سيّارة العدواني", الذي كان يفيض بالناس من المزدلفة، قيل: إنه أول من جعل الدية مائة من الإبل٤. ونسب بعض آخر هذا الحكم إلى "عبد المطلب". فقالوا إنه أول من سن الدية مائة من الإبل، فأخذت به قريش والعرب، وأقره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الإسلام٥.

وكانت "قريظة" و"النضير" في الجاهلية إذا قتل الرجل من بني النضير قتلته بنو قريظة، قتلوا به منهم، فإذا قتل الرجل من بني قريظة قتلته النضير أعطوا ديته ستين وسقًا من تمر٦. وذلك بسبب الفرق في المنزلة والمكانة.


١ الأغاني "١٢/ ٤٨".
٢ الأغاني "١٢/ ٥٣".
٣ ابن هشام "٣/ ٢٢" بلوغ الأرب "٣/ ٢٢".
٤ الروض الأنف "١/ ٨٦".
٥ المعارف "ص٢٤٠"، صبح الأعشى "١/ ٤٣٥"، ابن سعد، طبقات "١/ ٨٩"، "ذكر نذر عبد المطلب أن ينحر ابنه"، ابن رسته، الأعلاق "١٩١".
٦ تفسير الطبري "٥/ ٩٧".

<<  <  ج: ص:  >  >>