للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نجد أنفسنا قد عجزنا عن الحصول على مثل هذه المصطلحات في النصوص الجاهلية، ولهذا لم نتمكن من تكوين رأي عن تصور الصلة التي كان يراها الجاهليون بين الشمس والقمر. وفي اليونانية والهندية وأساطير الشعوب الأخرى، أن القمر اقترن بالشمس، وتزوج بها، وتغنت بذلك الزواج١.

وبالنظر لوجود الإله الذكر والإلهة الأنثى في نصوص المسند، وفي مؤلفات أهل الأخبار، فلا يستبعد احتمال مجيء يوم قد نعثر فيه على نصوص قد تتعرض إلى أسطورة زواج القمر بالشمس. وفي عربيتنا لفظة "اقتران" نطلقها على اقتران الشمس بالقمر وعلى اقتران الكواكب بعضها ببعض، وترد في كتب النجوم والأنواء. وفي هذه اللفظة معنى الازدواج.

إن هذه الأسطورة التي جعلت من الأجرام السماوية آلهة، وحصرت الألوهية في ثلاثة أجرام منها في الغالب ثم زوجتها وأولدتها، حولت هذا الزواج إلى زواج حقيقي سماوي يشبه زواج الإنسان على سطح الأرض. زواج تكون من ذكر وأنثى، من أب وأم، أنتج ولدًا عند العرب الجنوبيين، وولدين عند شعوب أخرى غير عربية هما كوكبا الصباح والمساء، أو بناتًا هي الملائكة أو الجن عند فريق من الجاهليين.

ونجد الإله "القمر" يلعب دورًا كبيرًا في الأساطير الدينية عند الجاهليين. دورًا يتناسب مع مقامه باعتباره رجلًا بعلًا أي زوجًا، والزوج هو "البعل"، والرب والسيد وصاحب الكلمة على زوجه وأهله عند العرب. وهو القوي ذو الحق، وعلى الزوجة حق الطاعة والخضوع له. وبناء على هذه النظرية جعل الإله القمر صاحب الحول والصول والقوة في عقيدة أهل الجاهلية في الأرباب. ومن هذا الإله القوي الجبار، جاء "الله" بعد أن تحول الثالوث عند بعض الجاهليين إلى "واحد"، واستخلصوا منه عبادة "الله".

وقد عرف القمر بـ"ثور". ولعل ذلك بسبب قرنيه اللذين يذكران بالهلال. دُعي بهذه التسمية، أي "ثور" في الكتابات٢. وقد رمز إلى الإله القمر بـ"ثور". عند شعوب سامية قديمة أخرى٣.


١ Handbuch, I, s. ٢٠٦, ff.
٢ Glaser ١٥٤٦, Wiever Museum ٥.
٣ Handbuch, I, S. ٢١٤, D. Nielsen, altarabische Mondreliglon, s. ١١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>