للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأليفة، وأطلق لفظة "النافرة" على ذبح الحيوانات الوحشية١. "وفي الحديث: هل تدرون ما العتيرة، وهي التي يسمونها الرجبية؟ كانوا يذبحون في شهر رجب ذبيحة، وينسبونها إليه. يقال هذه أيام ترجيب وتعتار. وكانت العرب ترجب، وكان ذلك لهم نسكًا٢".

وذكر بعض أهل الأخبار أن أول من عتر العتائر وسن العتيرة للعرب، هو "بورا"، وهو "بوز"، وهو ابن شوحا، وهو سعد رجب، وهو أول من سن الرجبية للعرب. وهو ابن يعمانا، وهو قموال، وكان في عصر سليمان بن داود٣. والظاهر أن أحد أهل الكتاب قصَّ على الأخباريين هذه القصة، فنسبوا هذه السنة الجاهلية إلى هؤلاء الأشخاص.

وكان بعض السادة ينجرون إذا أهلَّ "الشهر الأصم"، أي "شهر رجب". رُوي: أن "حاتمًا الطائي" كان ينحر إذا أهلَّ الشهر، ينحر عشرًا من الإبل ويطعم الناس لحومها، وذلك لحرمته ومنزلته عنده، ولتعظيم "مضر" فهو من شهود مضر الخاصة٤.

وعرفت "العتيرة" بـ"الرجبية" عند الجاهليين كذلك؛ لأنها كانت تذبح في شهر رجب، فنسبوها إليها. وعرفت أيام رجب بـ"أيام الترجيب". وورد "أيام ترجيب وتعتار" وقيل للذبائح التي تقدم فيه "النسائل" كذلك٥.

وأصل "النُّسك": الدم، وبهذا المعنى ورد من فعل كذا وكذا فعليه نسك، أي دم يهريقه. و"النسيكة": الذبيحة. و"مَنْسك": الموضع الذي تذبح فيه النسيكة، وهذا هو المعنى القديم الأصلي للكلمة. وقد صار من معانيها في العربية الشمالية العبادة والطاعة، وكل ما يتقرب به إلى الله تعالى، لما كان للذبح من شأن في الديانات القديمة بحيث كان يعد عبادة أساسية عندها،


١ Reste, s. ١١٨.
٢ تاج العروس "١/ ٢٢٦ وما بعدها"، "رجب"، مسند أحمد بن حنبل "٢/ ١٧٣".
٣ الطبري "٢/ ٢٧٤".
٤ الأغاني "١٦/ ٩٤".
٥ تاج العروس "١/ ٢٦٦ وما بعدها"، اللسان "١/ ٣٩٦"، المعاني الكبير "٣/ ١١٧١"، المخصص "١٣/ ٩٨"، مجمع البيان للطبرسي "٢/ ١٥٠".

<<  <  ج: ص:  >  >>