للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولبيوت الأصنام سدنة، يحفظون الأصنام بها ويرعونها، وينقلونها معهم حيث ترحل القبيلة، فإذا نزلت نزلوا بها، ليقيموا لها الواجبات الدينية المفروضة في الخيمة المقدسة. حيث فرضت طبيعة البداوة على أصحابها هذا النوع من أنواع البيوت المقدسة، وهذه الطقوس الدينية التي تلائم حياة الأعراب.

وبيوت العبادة عند الجاهليين ثلاثة أنواع: بيوت عبادة خاصة بالمشركين عبدة الأصنام، وهم الكثرة الغالبة، وبيوت عبادة خاصة باليهود، وبيوت عبادة خاصة بالنصارى. أما بيوت عبادة المجوس، فقد عرفت في العربية الشرقية وفي العربية الجنوبية، ولكن عبادها هم من المجوس، أي العجم، فالمجوسية لم تنتشر بين العرب، ولم تدخل بينهم إلا بين عدد قليل من الناس.

وما ذكرته عن بيوت العبادة، خاص بالمعابد العامة، وهناك مواضع عبادة خاصة، جعلت في البيوت، وضع أصحابها أصنامهم في ركن من أركانها، وتقربوا إليها. روي أن العباس، كان قد أقام الصنمين إسافًا ونائلة في ركن داره، وكانا حجرين عظيمين١. واحتفظ غيرة بأصنام في بيوتهم للتبرك بها، ولحماية البيت، وكانوا إذا سافروا حملوا أصنامهم الصغيرة معهم للاحتماء بها، وأخذ بعض شباب المدينة ما وجده من أصنام في البيوت، تعبَّد لها آباؤهم فحطمها، ومنهم من رماها في مواضع العذرة والقاذورات.

وقد استطعنا اليوم بفضل جهود السياح والمنقبين والباحثين من الحصول على بعض المعلومات عن معابد جاهلية كانت عامرة يومًا ما. وذلك بعثور المذكورين على ألواح مكتوبة وجدت في خرائب تلك المعابد. ولكن ما عثر عليه، لا صلة له بالدين في الغالب. فليس فيه أدعية أو صلوات أو كتابات تفصح عن عقائد القوم وعن أمور دينهم. ولهذا فإن علمنا بديانات الجاهليين لا يزال ضحلًا، لم يتقدم تقدمًا مرضيًا، وأملنا الوحيد في زيادته هو في المستقبل، فلعله يخرج من صناديق سره المكتومة ما يفصح عن عقائد القوم.

وقد اتخذ بعض العرب، وهم المتمكنون، بيوتًا وكعبات لعبادة أصنامهم، وضعوا أصنامهم في أجوافها، ومنهم من اتخذ صنمًا، فلم بين عليه بناءً؛ لعدم استطاعته ذلك. ومن لم يقدر عليه، ولا على بناء بيت نصب حجرًا أمام


١ الأزرقي "١/ ١١٢"، "٢/ ١٨٨".

<<  <  ج: ص:  >  >>