للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأنصاب، كانت بعدد أصنام الكعبة، أي أنهم كانوا قد خصصوا بكل صنم نصبًا، يذبحون عليه ما يتقربون به إليه من عتائر. فقد كان عدد أصنام الكعبة ثلاثمائة وستون حجرًا عام الفتح على ما يذكره أهل الأخبار، إلا إذا اعتبرنا ما ذكروه عن عدد الأصنام وهمًا، وأخذنا برواية "ابن جريج" التي هي دون الرواية الأخرى في الشهرة والذكر.

وأشير إلى "النصب" في شعر ينسب على "الأعشى"، يقال إنه قاله في مدح الرسول. هو:

وذا النصب المنصوب لا تنسكنه ... لعاقبة والله ربك فاعبدا١

وعلى كل، فنحن لو أخذنا بالروايتين، أو برواية واحدة منهما، فإن العدد "٣٦٠" يلفت النظر حقًّا. فلمَ خصص رواة الخبرين عدد الأصنام أو الأنصاب بهذا الرقم، وهل يمثل ذلك شيئًا له صلة بالفلك، أو بأسطورة دينية قديمة كانت عند أهل مكة؟

وقد وردت كلمة "النصب" في آية اللحوم المحرمات التي لا يجوز أكلها في القرآن الكريم: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ} ٢. فجعلت الذبائح التي تذبح على النصب للأصنام في جملة التي لا يحل للمسلم أكلها، فيفهم من هذه الآية أن النصب مواضع تذبح عليها القرابين. كما وردت في موضع آخر من سورة المائدة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ} ٣. وقد ذكر علماء التفسير، أن الأنصاب التي يذبحون عندها٤.

وقد ذكر علماء التفسير، أن أهل الجاهلية كانوا قد وضعوا حول الكعبة


١ تاج العروس "١/ ٤٨٦"، "نصب".
٢ المائدة، الآية ٣.
٣ المائدة، الرقم "٥"، الآية ٩٠.
٤ تفسير الطبري "٧/ ٢١".

<<  <  ج: ص:  >  >>