للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنصابًا، أي حجارة كانوا يذبحون عليها، فكانوا إذا ذبحوا نضحوا الدم على ما أقبل من البيت وشرحوا اللحم: وجعلوه على الحجارة. وكانوا يبدلونها إذا شاءوا بحجر هو أحب إليهم منها١. كما كانوا قد وضعوا الأنصاب في بيوت الأصنام الأخرى، يذبحون عليها ذبائحهم لهما. وقد أشير إلى "المائرات"، أي الدماء، دماء الذبائح لـ"رشيد بن رميض العنزي":

حلفت بمائات حول عوض ... وأنصار تركن لدى السعير٢

و"عوض" صنم لبكر بن وائل، و"السعير" صنم لعنزة خاصة. و"نصب" هي "نصب" و"مصب" في اللهجات العربية الجنوبية، و"نصب" و"مصبت" في الفينيقية، و"مصبه" Masseba في العبرانية ويراد بها مذبح، تذج عليها القرابين والضحايا التي يقدمها المتعبدون إلى معبودهم Deity ويعرف بـ Altar أي مذبح في الإنكليزية. وهو من حجر واحد في الأصل، قد يذبح عليه، فيسيل الدم فوقه ويتلطخ به، وقد يكون في نظرهم بمثابة المعبود الذي تقدم الضحية إليه. وقد يذبح عليه. فيسيل الدم من فتحة تكون فيه إلى بئر تتجمع فيها دماء الذبائح، تكون عند قاعدة النصب.

وقد تخصص المذابح بحرق لحم الذبيحة كله أو بعضه عليها؛ تقربًا إلى الأصنام، كالذي كان يفعله العبرانيون٣.

وقد عثرالمنقبون على أحجار عديدة اتخذت أنصابًا لذبح القرابين عليها أو عندها، عثر عليها في العربية الجنوبية بصورة خاصة. وفي بعضها فتحة على هيئة ثقب تسيل منه دماء القرابين إلى موضع تتجمع فيه. وفي بعض آخر مسايل جانبية، تسيل الدماء منها إلى الخارج. وهذه الأنصاب هي "مذابح" ويقال للواحد منها "مذبحم" في العربيات الجنوبية أي "مذبح". ولذبح القرابين "ذبحن" و"ذبحم"، أي "الذبح" و"ذبح".


١ تفسير الطبري "٦/ ٤٨ وما بعدها"، "وهي أحجار كانت حول الكعبة يذبحون عليها للأصنام"، إرشاد الساري "٦/ ١٧٢".
٢ تاج العروس "٣/ ٢٦٨"، "سعر"، "٣/ ٥٥٠"، "مور".
٣ Hastings, p. ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>