للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في شعره "زهير"١ و"النابغة"٢. وقد عرفت بـ "البيت العتيق"، وبـ "البيت المعمور"٣. ورووا أن "عدي بن زيد العبادي" قصدها بقوله:

كلا يمينًا بذات الودع لو حدثت ... فيكم وقابل قبر المساجد الزارا

دعاها "ذات الودع" لأنه كان يعلق الودع في ستورها٤.

وقد أقسم بها شاعر جاهلي آخر، هو "عوف بن الأحوص" إذ قال:

وإني والذي حجت قريش ... محارمه وما جمعت حراء

وشاعر عامري آخر، إذ قال:

فأقسم بالذي حجت قريش ... وموقف ذي الحجيج إلى إلاله٥

يريد بذلك مكة. وبمكة بيت الله.

ومعارفنا عن "البيت الحرام" ضئيلة، وفي الذي يذكره أهل الأخبار عنه ما لا يمكن قبوله ولا الأخذ به، لأنه لا يدخل في حدود التاريخ، ولغلبة الطابع القصصي عليه. ثم إن بعضه يناقض بعضًا، وفي بعضه تحيز وتعصب لبيت قرشي على بيت آخر. وحتى القسم الذي يتناول الأيام القريبة من الإسلام، لا يخلو من اضطراب ومن تناقض، وفيه شعر نحل على أناس، أقحمت أسماؤهم في قصص مكة، لتثبيته على طريقتهم في تثبيت الأخبار برواية شعر يتعلق بها.

ولم يعثر حتى الآن على كتابة جاهلية تكشف القناع عن تاريخ "البيت الحرام". ولذلك انحصر علمنا بتاريخه بما ورد في الموارد الإسلامية عنه.

وقد نصّ في القرآن الكريم، على أن إبراهيم وإسماعيل هما اللذان رفعا القواعد من البيت {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى،


١
فأقسمت بالبيت الذي طاف حوله ... رجال بنوه من قريش وجرهم
ديوان زهير "١٥"، الثعالبي، ثمار القلوب "١٦".
٢
فلا ورب الذي قد زرته حججا ... وما هريق على الأنصاب من جسد
"فلا لعمر الذي مسحت كعبته" في رواية أخرى، ديوانه "٢٥"، الثعالبي، ثمار "١٧".
٣ البلدان "١/ ٥٢١"، "بيروت ١٩٥٥".
٤ تاج العروس "٥/ ٥٣٤"، "ودع".
٥ المحبر "٣١٩"، شرح ديوان لبيد "٢١".

<<  <  ج: ص:  >  >>