للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا عاينوا الأعور من الناس أو البهائم، أو الأعضب أو الأبتر، زجروا عن ذلك وتطيروا، كما تطيروا من الطير إذا رأوها على تلك الحال. فكان زجر الطير هو الأصل، ومنه اشتقوا التطير، ثم استعملوا ذلك في كل شيء"١.

قال أحدهم:

عوى الذئب فاستأنست للذئب إذ عوى ... وصوت إنسان فكدت أطير

كأن الذي يرى ما يكره أو يسمع يطير

وقد عد العلماء الطيرة والزجر في معنى واحد، لأن أصلهما إنهم كانوا إذا أرادوا فعل أمر أو تركه زجروا الطير حتى يطير، ثم يحكمون من حركاته على ما سيحدث ويقع. فالزجر والطيرة من ثم شيء واحد٢. وقد قيل لمن يزجر الطير "زاجر": "لأنه إذا رأى ما يظن إنه يتشاءم به زجر بالنهي عن المضي في تلك الحاجة برفع صوت وشدة"٣.

والطيور هي مادة التطير، وذلك بمراقبة حركاتها وسكناتها. وهو ما يقال له في العبرانية: "نيحوش" "نحوش" "Nihush" من أصل "نيحيش" "نحش". وتقابل لفظة "نحش" كلمة "حنش" في العبرانية وتعني "الثعبان". وقد ذهب بعض علماء التوراة أن لكلمة "نحش"، صلة بالثعبان، ذلك لأن الثعبان كان بعض علماء التوراة أن لكلمة "نحش"، صلة بالثعبان، ذلك لأن الثعبان كان من الآلهة القديمة، بينما يرى بعض آخر عدم وجود صلة ما للثعبان بهذا الموضوع، لأن العبرانيين لم يتعبدوا البتة للثعابين، فلا صلة للثعبان به٤.

ويدخل في باب الزجر، زجر الطير والوحش. ويذكر بعض العلماء أن الأصل في الطيرة، هو زجر الطير، ثم صار في الوحش، وقد يجوز أن يغلب أحد الشيئين على الآخر فيذكر دونه ويرادان جميعًا٥.

وقد يراد بالطيرة "التشاؤم" الذي هو خلاف التيامن، غير أن "التشاؤم"


١ الحيوان "١/ ٤٣٨"، "هارون"، العمدة "٢/ ٢٥٩ وما بعدها".
٢ صبح الأعشى "١/ ٣٩٩".
٣ تاج العروس "٣/ ٣٦٤"، اللسان "٥/ ٤٠٧"، "طير".
٤ Ency. ReIigI., ٤, p. ٨٠٧, Hastings, p. ٥٦٨.
٥ العمدة "٢/ ٢٦٠".

<<  <  ج: ص:  >  >>