للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفصل الثالث والتسعون: المراعي]

[مدخل]

...

[الفصل الثالث والتسعون: المراعي]

وفي جزيرة العرب مراعي، منها الخاص، ومنها العام. والمراعي الخاصة ما تكون ملكًا لرجل أو أسرة أو قبيلة تفرض سلطانها على المرعى، مثل الإحماء، حيث لا يسمح لأحد غير مأذون بالرعي في "الحمى"، أما المراعي العامة، فهي التي لا تدخل في ملك أحد، وإنما يرعى فيها كل أبناء الحي، وجميع أبناء القبيلة؛ لأن أرض القبيلة ملك للقبيلة ما دامت عزيزة فيها مالكة لرقبتها، يرعى فيها كل أبنائها، فإذا ذلت واستخذت طمعت فيها القبائل المجاورة القوية، فشاركتها في أرضها، وربما أجلتها عنها. وإذا ارتحلت القبيلة عن أرضها، وتركتها، ونزل بها نازل جديد، صارت الأرض ملكًا له، ما لم يدفع عنها بالقوة، أو يتركها هو رضاءً، فإذا ارتحل عنها، ونزل في مكان جديد، سقط حقه فيها، وانتقلت رقبة الأرض إلى النازل الجديد. وهكذا تكون المراعي عامة مشاعة بين جميع أبناء القبيلة، ما خلا الحمى، ينتفع بها جميع أبنائها، بما في ذلك سادة القبيلة وأصحاب الإحماء، الذين ترعى إبلهم في إحمائهم، كما ترعى مع إبل الناس في مراعي القبيلة، ولا يجوز لأحد من القبيلة أن يأخذ من أرباب المواشي عوضًا عن مراعي القبيلة؛ لأنها للجميع. وقد أخذ بهذا الحكم في الإسلام بالنسبة للمراعي الموات، بقول الرسول: "الناس شركاء في ثلاث: الماء، والنار، والكلأ"١.


١ الأحكام السلطانية: "٢٠٨".

<<  <  ج: ص:  >  >>