للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه ملك، فهذا الذي يجوز للسلطان أن يقطعه من يحييه ومن يعمره، والضرب الثاني من الموات ما كان عامرًا، فصار مواتًا عاطلًا. وذلك ضربان: أحدهما ما كان جاهليًّا، فهو كالموات الذي لم يثبت فيه عمارة، ويجوز إقطاعه. والضرب الثاني ما كان إسلاميًّا جرى عليه ملك المسلمين ثم خرب حتى صار مواتًا عاطلًا وقد اختلف فيه الفقهاء.

وأما العامر فضربان: أحدهما ما تعين مالكه فلا نظر للسلطان فيه، والضرب الثاني من العامر ما لم يتعين مالكوه ولم يتميز مستحقوه، وهو على ثلاثة أقسام: تكلم فيها الفقهاء.

وأما إقطاع الاستغلال فعلى ضربين: عشر وخراج. فأما العشر: فإقطاعه لا يجوز. وأما الخراج، فيختلف حكم إقطاعه باختلاف حال مقطعه، وله ثلاثة أحوال، ذكرت في كتب الفقه.

وأما إقطاع المعادن، فهو ضربان، ظاهرة وباطنة، فأما الظاهرة، كمعادن الكحل والملح والقار والنفط، وهو كالماء الذي لا يجوز إقطاعه والناس فيه سواء يأخذه من ورد إليه. وأما المعادن الباطنية، ففي جواز إقطاعها قولان: أحدهما لا يجوز كالمعادن الظاهرة، وكل الناس فيها شرع. والقول الثاني: يجوز إقطاعها. وفي حكمه قولان: أحدهما أنه إقطاع تمليك يصير به المقطع مالكًا لرقبة المعدن كسائر أمواله في حال عمله وبعد قطعه يجوز له بيعه في حياته وينتقل إلى ورثته بعد موته. والقول الثاني أنه إقطاع أرفاق لا يملك فيه رقبة المعدن ويملك به الارتفاق بالعمل فيه مدة مقامه عليه، وليس لأحد أن ينازعه فيه ما أقام على العمل، فإذا تركه زال حكم الإقطاع عنه وعاد إلى حال الإباحة. فإذا أحيا مواتًا بالإقطاع أو غير إقطاع فظهر فيه بالإحياء معدن ظاهر أو باطن ملكه المحيي على التأييد كما يملك ما استنبطه من العيون واحتفره من الآبار١.

وما الإقطاع عند أهل الجاهلية، فكان معروفًا عندهم، وقد أشير إليه في نصوص المسند. وقد كان إقطاع تمليك، وإقطاع استغلال.

فأما إقطاع التمليك، فيشمل الموات والعامر والمعادن. وقد أقطع الحكام في كل هذه الأقسام الثلاثة. فكان الملوك، يهبون الموات أو العامر إلى من يريدون


١ الأحكام السلطانية، للماوردي "١٩٠ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>