للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وللمزارعة المخابرة، وللإجارة بيع، وللمضاربة مقارضة، وأن لهم لغات اختصوا بها١.

وقد يخصص الماء كله بالزرع، أي يكرى كله لمؤجره، وقد يكرى لما يسد حاجة الزرع، أي لإرواء الزرع الذي اتفق على إسقائه بالماء، في كل وقت، في النهار أو في الليل، وفي أي لحظة يشاء المستأجر لذلك الماء. وقد يكون على حظ من الماء، مثل ربع يوم أو ليلة، أو يوم معين، أو وقت يثبت. ويقال لهذا الماء "ربيع"، أي حظ٢.

وطالما وقعت الخصومات بين المزارعين بسبب اختلافهم على الماء. فالماء هو رأس مال المزارع، فإذا انقطع عن زرعه، تأثر زرعه، وتعرض للهلاك، وزرعه هو رأس ماله وحياته. ومن هذا القبيل الخصومات التي تقع بسبب اشتراك جملة مزارعين في مورد ماء واحد، ومحاولة كل واحد منهم الحصول على أكبر مقدار من الماء، أو أخذه قبل غيره. والخصومات التي تقع من سيل الماء في الشرائج. والجداول التي تمر في عدة مزارع والينابيع والعيون التي تروي جملة أحواط ومحاقل. وقد أشير إلى جملة أنواع من هذه الخصومات في كتب الحديث٣.

ومن عادة أهل "يثرب" أنهم كانوا يكرون الأرض، لأجل قصير أو لأجل طويل. فإذا كان الأجل طويلاً فربما غرسوا شجرًا، على نصيب معلوم من الثمر، وذلك؛ لأن أكثرهم لم يكونوا يملكون كثيرًا من الذهب والفضة، فكانوا يتعاملون على الشطر مما تغله الأرض. ولما جاء المهاجرون زارعوا الأنصار بالشكر على الثلث والربع، حتى ما كان بالمدينة بيت هجرة، إلا وزرع على الشطر٤. أو على التبن أو على أوسق من تمر أو بر أو غير ذلك. وكرى بعضهم أرضه بالدراهم والدنانير وبالفضة وبالذهب. وقد أشير إلى ذلك في كتب الحديث٥.


١ جامع الأصول "١١/ ١٧٢"، شرح النووي "٦/ ٤٠٦ وما بعدها".
٢ تاج العروس "٥/ ٣٤٢"، "ربع".
٣ عمدة القارئ "١٢/ ١٨٨ وما بعدها"، "كتاب المساقاة".
٤ إرشاد الساري "٤/ ١٧٦ وما بعدها".
٥ إرشاد الساري "٤/ ١٨٨ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>