للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اتجار العرب مع الخارج، كما أشير إلى اتجار الآشوريين والفرس والرومان والروم مع العرب، وإلى طمع الدول الكبرى لعالم ذلك الوقت في جزيرة العرب، نظرًا لما كانوا يسمعونه عن ثرائها وغناها، ولموقعها الجغرافي المهم الذي يقع بين أفريقية وآسية. ويهيمن على المياه الدافئة ذات المنافع الكبيرة بالنسبة للتجارة العالمية في كل وقت وزمان.

والعربية الجنوبية في كتب اليونان والرومان وفي التوراة، بلاد غنية ذات خيرات وثروات وتجارات وأموال، قوافلها تخترق جزيرة العرب إلى بلاد الشأم والعراق، وفي بلادها الذهب والفضة والحجارة الكريمة، تتاجر مع الخارج فتربح بتجارتها هذه كثيرًا، وبذلك اكتنزت المعادن الثمينة المذكورة والأموال النفسية حتى صارت من أغنى شعوب جزيرة العرب.

وفي "المزامير" أن "شبا" ستعطي "الذهب" لملك العبرانيين في جملة الشعوب التي ستخضع له، تقدم له الجزية١. وورد في "أرميا" أن "شبا" كانت ترسل "اللبان" إلى إسرائيل٢. وقد ذكروا في سفر "حزقيال" في جملة كبار التجار. كانوا يتاجرون بأفخر أنواع الطيب وبكل حجر كريم وبالذهب٣. وأشير في "أيوب" إلى قوافل "شبا" التي كانت تسير نحو الشمال حتى تبلغ إسرائيل٤.

وفي هذه الإشارات دلالة على الصلات المستمرة التي كانت بين العبرانيين والسبئيين، وعلى أن السبئيين كانوا هم الذين يذهبون إلى العبرانيين، يحملون إليهم الذهب والأحجار الكريمة والطيب واللبان. فتبيع قوافلهم ما عندها في أسواق فلسطين، ثم تعود حاملة ما تحتاج إليه من حاصلات بلاد الشأم ومصر وفلسطين.

ويظهر من سفر "يوئيل" أن السبئيين كانوا يشترون السبي من فلسطين، من "بني يهوذا"، حيث جاء فيه تهديد لأهل صور وصيدا بأن رب إسرائيل سينتقم منهم جزاء اعتدائهم على الإسرائيليين ونهبهم ذهبهم وفضتهم. وسيجعلهم عبيدًا يباعون في الأسواق إلى السبئيين: "وأبيع بنيكم وبناتكم بيد بني يهوذا


١ المزامير، المزمور الثاني والسبعون، الآية ١٥.
٢ أرمياء، الإصحاح السادس، الآية ٢٠.
٣ حزقيال، الإصحاح السابع والعشرون، الآية ٢٢ وما بعدها.
٤ أيوب، الإصحاح السادس، الآية ١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>