للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التسليف]

وفي جملة وسائل الاستفادة من المال: التسليف. وهو تسليف المال لمزارع أو لأصحاب الإبل والماشية في مقابل شيء يتفق عليه، يدفع بعد البيع أو الحصاد؛ يدفع نقودًا أو عينًا أو إبلًا أو ماشية أو أي شيء آخر يتفق عليه. والسلف: هو أن يعطي مالا في سلعة إلى أجل معلوم بزيادة في السعر الموجود عند السلف، وذلك منفعة للمسلف, وقيل: كل مال قدمته في ثمن سلعة مضمونة اشتريتها للصفقة، فهو سلم وسلف. والسلف: القرض الذي لا منفعة فيه للمقرض غير الأجر والشكر, وعلى المقترض رده كما أخذه١.

وذكر العلماء أن السلف في المعاملات له معنيان: أحدهما القرض الذي لا منفعة للمقرض فيه غير الأجر والشكر وعلى المقترض رده كما أخذه, والعرب تسمي القرض سلفًا. والمعنى الثاني في السلف، هو أن يُعطي مالا في سلعة إلى أجل معلوم بزيادة في السعر الموجود عند السلف، وذلك منفعة للمسلف٢.

ولما قدم النبي المدينة، وجدهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين، أي: يعطون الثمن في الحال ويأخذون السلعة في المآل, فقال لهم: "من أسلف فلا يسلف إلا في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم"٣. ويظهر من ذلك أنهم كانوا يسلفون المزارع مالا، ويشترطون عليه أن يعطيهم في مقابل ذلك حاصلًا، أو يبيع زرعه عندهم أو بواسطتهم، وذلك على نحو ما يفعل المزارعون في هذا الوقت, فيكسب المسلف, ويربط المزارع به، بحيث يرغمه على أن يكون مرجعه الوحيد في بيع حاصله. فجوَّز الرسول السلف، على أن يكون بيعًا شرعيًّا صحيحًا: كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم.

و"القرض" الذي لا منفعة للمقرض فيه غير الأجر والشكر، هو ما يقال


١ تاج العروس "٦/ ١٤٣"، "سلف".
٢ اللسان "٩/ ١٥٩"، "سلف".
٣ البخاري "٥/ ٥٥ وما بعدها"، "كتاب البيوع، باب السلم".

<<  <  ج: ص:  >  >>