للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفصل الثامن بعد المئة: أصحاب المال]

[مدخل]

...

الفصل الثامن بعد المائة: أصحاب المال

وصاحب المال عند أهل الجاهلية، من له تجارة وجمع منها مالًا، أو من له زرع ونخيل، جاء إليه بربح طيب، أو من له إبل، والإبل هي "المال" عند العرب" ومقياس ثراء الإنسان؛ لأنهم لا يعرفون مالًا غيرها، أو من له حرفة رائجة، وذلك بين أهل المدن والقرى، حيث يستطيع صاحبها الحصول منها على ربح طيب إذا عرف كيف يستغل مواهبه في اختيار حرفته, وفي تشغيل الأيدي العاملة لزيادة الإنتاج.

وقد أشار أهل الأخبار إلى رجال جاهليين ومخضرمين كان يملك كل واحد منهم عشرات الألوف من الدراهم، أي: النقود، عدا الإبل والمزارع والأملاك, من هؤلاء: "عبد الله بن جدعان". ويظهر أنه كان واسع الثراء، لم يبلغ أحد مبلغه في كثرة ماله بمكة، حتى ذكر أنه كان يأكل بصحاف من ذهب، ويشرب بآنية من فضة وبكئوس من البلور، وأنه كان قد امتلك قيانًا ليغنين له. وللجرادتين، وهما قينتان من قيانه، شهرة واسعة في كتب الأدب، تغنيان له ولمن يحضر مجلس شرابه ليلًا، وكان بيته دارًا للضيفان.

وكان استعمال الأغنياء لآنية من الفضة والذهب في أكلهم وشربهم معروفًا بمكة, وقد كان ذلك يترك أثرًا في نفوس الفقراء الذين لا يملكون قوتًا لهم؛ ولهذا السبب نُهِيَ عن استعمالها في الإسلام، ونُهِيَ أيضا عن استعمال ثياب الحرير. وقد كانت ثياب الحرير والملابس المقصبة بالذهب، وحلل الديباج من ألبسة

<<  <  ج: ص:  >  >>