للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[السخرة]

السخرة: تكليف شخص وقهره على ما لا يريده, وسخره تسخيرًا: أذله وكلفه ما لا يريد وقهره وأجبره على عمل بلا أجرة ولا ثمن١. وقد عرفت السخرة في العربية الجنوبية، إذ كانت تلك الحكومات تقوم بإنشاء الأبنية العامة والطرق والجسور والسدود, وبتشييد القصور على طريق "السخرة", وهي طريقة كانت معروفة في كل أنحاء العالم في ذلك الوقت، وكانت معروفة إلى عهد قريب؛ وذلك بأن تطلب إلى الموظفين وإلى المدن والقرى وسادات القبائل تقديم ما يتمكنون من تقديمه من أتباعهم لتشغيلهم قسرًا بأعمال تريد القيام بها, فيقدم كل منهم ما يتمكن من جمعه، ويساقون سوقًا إلى مكان العمل للعمل هناك حتى ينتهي العمل.

وتتكلف الحكومة الإنفاق على العمال الذين تكلفهم القيام بالأعمال العامة، تدفع إليهم عطاياهم، وتعرف بـ"شبو"، وتعني "الرزق" عينًا، وذلك بأن تقدم إليهم الطعام اللازم لعيشهم في مقابل اشتغالهم بتلك الأعمال، كما يقوم المعبد بتقديم ذلك إذا كان المعبد هو صاحب العمل٢. وترد لفظة "أشبى" بمعنى أعطى في عربية القرآن الكريم٣، وهو معنى قريب من معنى لفظة "شبو" في لغة المسند.

والسخرة عمل مرهق، يقوم به المسخر المسكين دون مقابل، فهو لا يحصل وهو في موقع العمل حتى على أكل بطنه إلا بشق الأنفس، من الإهمال وسرقة القوت وسوء الاستعمال، ثم إنه قد يحبس أياما وأشهرا وهو في هذا الوضع، لا يدفع له شيء ليستعين به في تمشية أموره، أو في إعالة عائلته البعيدة عنه، إذا كان متزوجا، أو معيلا لأهله، وطالما تعرض للمرض، ومنهم من كان يموت من الإرهاق والجوع؛ ولذلك كان الهرب من السخرة شيئا مألوفا، على الرغم من تشديد الحراسة على معسكرات العمل ومواضع تجمع المسخرين، وعلى الرغم من العقوبات الشديدة التي تفرض على الهارب في حالة القبض عليه.


١ تاج العروس "٣/ ٢٦٠"، "سخر".
٢ Glaser ١١٥٠, Halevy ١٩٢, ١٩٩
٣ القاموس "٤/ ٣١٦"، تاج العروس "١٠/ ١٩٢"، "شبا".

<<  <  ج: ص:  >  >>