للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحنطةً بحنطة, وقد أشير إلى هذه الأنواع في كتب الحديث، وأشرت إليها في باب البيوع. ولم يراع أهل الجاهلية تنوع الصنف في البيع، كأن يبيعوا حنطة من جنس معلوم بحنطة من جنس آخر، بل كانوا يبيعون الحنطة بالحنطة من نفس الجنس والنوع، بوزن مختلف لوجود تباين في الجودة أو تراب أو حبوب غريبة في إحدى الحنطتين. كما تعاملوا بتنوع السلع، مثل بيع حنطة بشعير وبالعكس، وبيع تمر بصوف أو بجلود، وما شاكل ذلك لوجود حاجة ولقلة النقد.

وتعاملوا بوزن الذهب والفضة، فاشتروا الرقيق بأواقٍ يحددونها من ذهب أو من فضة، وباعوا التجارة بأواقي الذهب والفضة, تعاملوا بالأواقي وبأقل منها وبأكثر حسب قيم الأشياء ودرجة تثمينها١. ونجد ذكر هذا التعامل في كتب الحديث والفقه؛ لما له من دور خطير في معاملات الناس في الجاهلية وفي والإسلام.

و"النقد" في مصطلح علماء العربية: تمييز الجيد من الرديء. قال الشاعر:

تنفي يداها الحصى في كل هاجرة ... نفي الدنانير تنقاد الصياريف

والنقد: إعطاء النقد, ونقد الثمن: أعطاه نقدا معجلا٢. ويظهر أن الجاهليين كانوا يطلقون لفظة "النقد" على العملة، وعلى التعامل بها من أخذ وقبض وتمييز الجيد من الرديء منها.

و"السِّكة": حديدة منقوشة كتب عليها، يضرب عليها الدنانير والدراهم. ومنه الحديث أنه نهى عن كسر سكة المسلمين الجائزة بينهم إلا من بأس, أراد بها الدرهم والدينار المضروبين. سمى كل واحد منهما سكة؛ لأنه طبع بالحديدة المعلمة له٣.

ونجد في كتب الحديث رواية تذكر أن أول من ضرب الدينار تبع، وهو


١ "وكانوا يتبايعون بأوزان اصطلحوا عليها فيما بينهم, وهو الرطل الذي هو اثنتا عشرة أوقية, والأوقية هي أربعون درهمًا"، الأحكام السلطانية "١٥٩"، "حاشية رقم ١".
٢ تاج العروس "٢/ ٥١٦"، "نقد".
٣ تاج العروس "٧/ ١٤٣"، "سكك".

<<  <  ج: ص:  >  >>