للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا أستبعد استعمال العرب الجنوبيين للطواحين الكبيرة التي تدار بالماء، وذلك بالإضافة إلى الطواحين التي تديرها الحيوانات؛ وذلك لبيع الطحين في الأسواق. وقد كان الناس يستعملون الرحى في الغالب للحصول على الطحين، فلم يكد يخلو بيت منها؛ ولذلك كانت صناعة الرحى من الصناعات النافقة المربحة في ذلك الزمان.

والطحن من الأعمال التي تخصص بها النساء، وتقوم به الخادمات في البيوت الكبيرة. وقد توضع جملة رحى في البيت الكبير, حيث تخبز كميات وافرة من العجين لإعاشة أفراد البيت.

ولمكانة الرحى عند القوم يومئذ، تخصص أناس بإصلاح الحجر لتحويله إلى رحى صالحة لطحن الحبوب أو لعمل الزيوت. وليس يصلح كل حجر لأن يكون حجر رحى؛ ولهذا فعلى الخبير بالرحى اختيار الحجر الصالح، ثم عليه إصلاحه ليكتسب الاستدارة وعمل ثقب فيه ونقرة وغير ذلك مما يتعلق بهذا العمل. وتكون حجارة الرحى مختلفة في الحجم، باختلاف العمل الذي يوكل إليها أداؤه, فبعض الرحى كبيرة ثقيلة ذات قطر واسع، وتستخدم في طحن بعض المواد الصلبة مثل العفص ومواد الدباغة الأخرى والمواد التي تستخدم في إنتاج الزيت والطحين, ويستخدم الحيوان لإدارة مثل هذه الرحى. وقد عثر على حجارة رحى ضخمة استخدمها العرب قبل الإسلام في تلك الأغراض.

وبائع الحنطة يقال له: الحنَّاط، يعيش من الاتجار بالحنطة، وقد يبيع معها الشعير والحبوب الأخرى. وقد ورد ذكر "الحناطين"، في كتب الحديث١.

والخبز في العادة هو من الأعمال البيتية, أي: من الأعمال التي تتم في البيت، حيث تقوم الزوجة بخبزه، ويقوم الرقيق أي: الخدم بخبزه في البيوت الكبيرة الغنية. وهو من اختصاص النساء.

وقد احترف بعض الناس الخبازة، وعرف واحدهم بـ"الخباز"، إذ يصنع الخبز المصنوع من الحنطة أو المصنوع من الشعير أو من الذرة ومن الأرز. والخبز على أنواع، فيه الغليظ وفيه الطري وفيه الناشف، وفيه ما يضاف إليه


١ المعرب "ص١٤١"، تاج العروس "٥/ ١٢١ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>