للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدباغين بها موادَّ تعد نجسة في نظر بعض الأديان. كما منعوا إقامة المدابغ في الأماكن المأهولة المعمورة، وحرصوا على عزلها وحصرها في الأماكن البعيدة عن أحياء السكنى, ولا سيما سكنى الطبقات المتنفذة الغنية.

ويقوم الدباغون ببيع ما يدبغونه إلى التجار, وقد يحمل إلى أسواق بعيدة لاستخدامه في أغراض عديدة، كتحويله إلى قرب يخزن فيها الماء أو يحمل, أو أوعية تحفظ فيها الخمور والسمن والسويق والطيب، أو أحذية وسيور وغير ذلك من الحاجات, وقد يحوله الدباغون أنفسهم إلى هذه الأشياء المذكورة. كما تخصص أناس بحرف تحويل الجلود إلى مواد نافعة يستعملها الإنسان في حياته اليومية، كالمواد المتقدمة والدلاء وأمثال ذلك من أدوات.

والقرب في ذلك الوقت مهمة جدًّا في حياة الإنسان؛ فقد كانت مخازن متحركة يخزن فيها أشياء كثيرة ضرورية. فكانت أوعية لحمل الماء في الحضر وفي السفر، كما كانت الأوعية الرئيسة لحفظ الخمور والأنبذة والزيوت والدهون والشحوم والدبس والمواد الغذائية الأخرى, يحتاج إليها الأعرابي في حله وفي ترحاله والحضري في مستقره وفي سفره. كان المصريون واليونان والرومان والعبرانيون يحفظون الخمور والأنبذة في أوعية القرب, وقد أشار إلى ذلك بعض الكتبة القدماء. ويعالج إهاب القرب معالجة خاصة ليعطي الشراب نكهة طيبة، ولئلا يتأثر الشراب من رائحة الجلد١.

وذكر علماء اللغة أن "القربة": الوطب من اللبن، وقد تكون للماء، وقيل: هي المخروزة من جانب واحد٢.

وأما "الجِراب" فوعاء من إهاب الشاء لا يُوعى فيه إلا يابس٣. فهو وعاء من الجلد -إذن- خُصص لحفظ الأشياء الجافة كالدقيق وما أشبه لحفظه. كما يقال لوعاء الزاد: المزود٤.

وتدخل المصارين، وهي أمعاء الحيوانات المذبوحة، في جملة الأعمال التي


١ Smith, Dict. Of the Bible, Vol., I, p. ٢٢٣
٢ اللسان "٦/ ٦٦٨".
٣ اللسان "١/ ٢٦١"، تاج العروس "١/ ١١٩"، "جرب".
٤ تاج العروس "٢/ ٣٦٦".

<<  <  ج: ص:  >  >>